الثلاثاء، 31 مايو 2011


مقال: الموقف الإسرائيلي من الانتفاضة السّورية
 فراس أبو هلال
تقدّم الورقة المواقف الإسرائيلية من الانتفاضة السورية، من خلال تتبع التصريحات الرسمية، والتحليلات وأوراق البحث الصادرة في إسرائيل حول هذا الموضوع ودراستها.
تعدّ سوريا أوّل دولة مجاورة لإسرائيل ولا ترتبط معها بمعاهدة سلام، تتعرض إلى اختبار حقيقي لاستقرارها، وهو ما سيؤدّي إلى تداعيات سياسية وأمنية على تل أبيب، لذلك يتابع الإسرائيليون الأوضاع في سوريا باهتمام كبير.
يرى بعض الإسرائيليّين أنّ الانتفاضة السورية قد تجلب مخاطرَ أمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل، بعد أن ظلّت هذه الحدود آمنة عشراتِ السّنين. ويتخوّف هؤلاء من احتمال انتقال ترسانة الأسلحة السورية إلى "أيدٍ غير مسؤولة"، في حال سقوط نظام بشار الأسد. فيما يعتبر آخرون أن تغيير النظام السوري، يصبّ في مصلحة إسرائيل، لأنه سيُفقد إيران حليفها الرّئيس في المنطقة، وسيحرم حركات المقاومة الفلسطينية من أحد أبرز الأنظمة الحاضنة لها.
مقدمة:
تمثل الثورات الشعبية العربية، حدثا استراتيجيا مهمّا سيكون له تأثيراته الكبيرة في تشكيل مستقبل المنطقة، وفي صياغة العلاقات بين دولها وشعوبها. وعلى الرغم من الطبيعة العالمية للتأثيرات التي ستنتج عن الثورات العربية، إلاّ أن دول منطقة الشرق الأوسط هي الأكثر تأثرا بتطورات الأوضاع، بفعل العوامل الجيوسياسية، وتشابك العلاقات والمصالح في المنطقة، وهو ما يجعل هذه الدول تتابع الأحداث من زاوية تأثيرها في وضعها الداخلي وعلاقاتها مع دول المحيط.
وتبدو إسرائيل أحد أهم اللاعبين المتأثرين بتطورات الثورات العربية، ولهذا انشغلت الدوائر الأمنية والسياسية والأكاديمية فيها بمتابعة هذه التطورات، ودراسة النتائج المحتملة لها على علاقة إسرائيل مع دول المحيط العربي، ووضع الاستراتيجيات المستقبلية للتعامل مع الواقع الجديد الذي ستنشئه الثورات العربية.
خصوصية الوضع السوري
تابعت إسرائيل أحداث الثورة التونسية التي أنهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي، ودرست النتائج السلبية المحتملة لسقوط هذا النظام، ولكنها تابعت بشكل أكبر أحداث الثورة المصرية، التي وضعت النخبة السياسية والأمنية الإسرائيلية في حالة هلع، بسبب المخاوف من تغييرات دراماتيكية في سياسة الدولة المصرية في مرحلة ما بعد مبارك.
ومع انطلاق شرارة الاحتجاجات في سوريا منتصف شهر آذار/ مارس الماضي، أبدى السياسيون والمحللون الإسرائيليون اهتماما كبيرا بتطورات الانتفاضة السورية، انطلاقا من عوامل الخصوصية التي تمثلها الحالة السورية بالنسبة إلى إسرائيل، والتي يحددها المحللون الإسرائيليون في النقاط التالية:[1]
إن سوريا دولة مجاورة لإسرائيل، وبالتالي فإن أيّ تغييرات سياسية فيها، ستؤثر بالضرورة في إسرائيل أمنيا وسياسيا.
إن سوريا خلافا لمصر والأردن، لم توقّع معاهدة سلام مع إسرائيل، وتعتبر رسميا في حالة حرب معها.
إنّ سوريا ترتبط بعلاقات وثيقة مع دول ومنظّمات تعتبرها إسرائيل "محورا للشر"، وتقصد بذلك إيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس.
تمتلك سوريا، حسب المزاعم الإسرائيلية، ترسانة من الأسلحة الصّاروخية المتطورة، التي تمثّل خطرا على أمن إسرائيل.
الانتفاضة تفتح النقاش حول "الخيار السوري"
عند كل أزمة تعترض مسيرة المفاوضات السلمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تشهد الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية جدلا كبيرا حول ما يسمى بـ "الخيار السوري"، وهو الخيار الذي يدعو إلى تجاوز المسار الفلسطيني للمفاوضات، والتوجه إلى عقد اتفاقية سلام مع سوريا، تستعيد بموجبها سوريا هضبة الجولان، وتحصل إسرائيل في المقابل على السلام والأمن الدائميْن على الجبهة السورية، وتضمن انفصام عرى التحالف بين سوريا وإيران وقوى المقاومة الفلسطينية وحزب الله.
وقد فتحت الانتفاضة السورية باب النقاش حول "الخيار السوري" على مصراعيه في إسرائيل، منذ اليوم الأول لبدء الاحتجاجات. وأشارت بعض التحليلات الصادرة في إسرائيل إلى أنّ هذه الأحداث تؤكّد أهمية الخيار السوري، بالنظر إلى أن قدرة بشار الأسد الآن على المناورة تتضاءل، وهو ما يجعل توقيع أي معاهدة سلام مع إسرائيل أمرا صعبا عليه ، في الوقت الذي يحتاج فيه إلى إجراءات تزيد من شرعيته أمام الشعب السوري الغاضب[2].
وإضافة لذلك، فإن عدم وجود معاهدة سلام مع سوريا، يحرم إسرائيل من حقّها في مطالبة العالم بإجبار أي نظام سوري يحكم البلاد بالمحافظة على هذه المعاهدة، كما فعلت مع المجلس العسكري الذي يحكم مصر منذ انهيار نظام مبارك[3].
وفي الجانب الآخر، أظهر الرافضون للخيار السوري بهجتهم بالأحداث، واعتبروا أن الانتفاضة السورية تثبت وجهة نظرهم، لأن التخلي عن الجولان يجعل مواطني إسرائيل عرضة لخطر الهجمات المحتملة من نظام بشار الأسد، الذي أثبتت هذه الأحداث "وحشيته وعدم صدقه" - من وجهة نظرهم- ، أو من نظام جديد لا يعرفون استراتيجيته في التعامل مع إسرائيل[4].
الحيرة الإسرائيلية تجاه الانتفاضة السورية
شهدت الساحة السياسية والإعلامية والأكاديمية الإسرائيلية، نقاشات عديدة حول التداعيات السياسية والأمنية المحتملة للانتفاضة السورية على إسرائيل. ويُبرز تتبع المواقف والتحليلات الإسرائيلية وجود اتفاق على أن أيّ تغيير جذري في سوريا، سيحمل تأثيرات مباشرة على الأوضاع في تل أبيب، دون أن ينطوي ذلك على الاتفاق بشأن طبيعة هذه التأثيرات، وإن كانت تصبّ في مصلحة إسرائيل أم أنها تمثّل خسارة سياسية لها.
وخلافا للثورة المصرية، التي أجمع معظم الإسرائيليين على خطورة نتائجها سياسيا وأمنيا على الدولة العبرية، ظهرت حالة من الحيرة في تقدير النتائج المحتملة للانتفاضة السورية، وتوزّعت آراء السياسيين والمحللين الإسرائيليين بين من يراها فرصة كبيرة لصالح إسرائيل، وبين من يحذّر من خطورة نتائجها، في حين أكّد بعض المحللين مثل الكاتب عكيفا إلدار - في مقال له في صحيفة هآرتس - أنّ أيّ محلل محترم لن يخاطر في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بنتائج الانتفاضة السورية على إسرائيل[5]، وهي الفكرة التي طرحها بكلمات أخرى الكاتب أوري هيتنر في صحيفة "إسرائيل اليوم"[6].
وتتجلى الحيرة الإسرائيلية في تقدير الموقف من الوضع في سوريا، من خلال تتبع التصريحات الرسمية حول هذه الأحداث، ومقارنتها بالتصريحات التي أُطلقت إبان الثورة المصرية. فبينما كانت إسرائيل واضحة في دعم النظام المصري في مواجهة الثورة، وفي الضغط على الولايات المتحدة لمنع سقوط مبارك ونظامه، امتنع المسؤولون الإسرائيليون عن الإدلاء بتصريحات واضحة ومحددة تجاه الانتفاضة السورية؛ باستثناء وزير الخارجية أفيغيدور ليبرمان، الذي طالب المجتمع الدولي بمعاملة سوريا بالطريقة التي عامل بها نظام القذافي[7]، فيما أصدرت وزارته تقريرا اتهمت فيه إيران وحزب الله بمساعدة سوريا لمواجهة المظاهرات[8].
أمّا الرئيسُ الإسرائيلي شيمون بيريز، فقد اعتبر التغييرات الديمقراطية في العالم العربي قد تحمل نتائج إيجابية لإسرائيل، لأنها ستتعامل مع "جيران أفضل"، ولكنه استدرك بالقول أنّ هذه التغييرات قد تشكّل معضلة كبيرة [9].
وقد بدت تصريحات رئيس الوزراء حول الموضوع متحفّظة بالمقارنة مع مواقفه من الثورة المصرية، حين ردّ على سؤال وجّه له في لقاء مصوّر على شبكة الانترنت، بالقول أنه سيكون سعيدا إذا أصبحت سوريا دولة ديمقراطية، لأن "الديمقراطية هي صديقة للسلام"[10].
ويمكن القول إن تصريحات بيريز ونتنياهو عن ترحيبهما بالديمقراطية في سوريا، تندرج في إطار الاستهلاك الإعلامي داخليا وخارجيا، إذ أثبتت طريقة التعاطي الإسرائيلية مع الثورة المصرية أنّ موقف تل أبيب من الديمقراطية في الوطن العربي عموما ينطلق من زاوية مصلحة إسرائيل السياسية والأمنية ، خلافا للادّعاءات بوجود موقف مبدئي يشجّع الديمقراطية. وينطبق ذلك على المواقف الرسمية والإعلامية على حدٍّ سواء.
فقد حاولت الحكومة الإسرائيلية ثنْي إدارة أوباما عن مساندة المطالب الشعبية المصرية بإسقاط حكم مبارك واستبداله بنظام ديمقراطي، من خلال إطلاق حملة دبلوماسية وإعلامية تحذّر من مخاطر "استغلال جهات متطرفة" للديمقراطية بهدف الوصول إلى السلطة في مصر، وتُخوِّف من فقدان الاستقرار في المنطقة في حال سقوط مبارك. أمّا الكُتّاب والمحلّلون الإسرائيليون، فقد استفاضوا في الدفاع عن مبارك، وإدانة الموقف الأميركي الذي تخلّى عن مساندته في مواجهة الثورة الشعبية. وقد وصل الأمر برئيس حزب ميرتس السابق يوسي بيلين إلى تحذير أوباما من خسارة منصبه في الانتخابات القادمة إذا تخلّى عن مبارك، كما حصل مع كارتر بعد تخلّيه عن الشاه في العام 1979[11]، وهو ما يظهر أنّ إسرائيل غير معنية بمسألة الديمقراطية في الوطن العربي، وأنّ ما يشغلها، أوّلا وأخيرا، هو أمنها ومصالحها السياسية والاقتصادية.
المخاوف الإسرائيلية من الانتفاضة السورية
أشارت بعض التصريحات الرسمية، والتحليلات السياسية الصادرة في الصحف وعن مراكز التفكير والدراسات الإسرائيلية، إلى عدة مخاطر محتملة للانتفاضة السورية على إسرائيل، ومن أبرزها:
إقدام النظام السوري على افتعال أزمة مع إسرائيل، بهدف تنفيس الضغط الداخلي عليه، على الرغم من هدوء الأوضاع حتى الآن على الحدود الإسرائيلية السورية[12]، وهو ما حذّرت منه أوساط سياسية وعسكرية مثل قائد الأركان الأسبق للجيش الإسرائيلي دان حالوتس في حديث للقناة الإسرائيلية العاشرة، ورئيس الجناح الأمني السياسي في وزارة الدفاع الجنرال عاموس جلعاد[13]، إضافة إلى مسؤولين في الاستخبارات العسكرية[14].
نقل التوتّرات الموجودة على الساحة السورية إلى إسرائيل، حيث يخشى بعض المحللين الإسرائيليين من إقدام حركة حماس على إشعال الوضع في قطاع غزة، لتوحيد الرأي العام في سوريا وإيران ضدّ إسرائيل، وقد أشار إلى ذلك الجنرال المتقاعد وعضو مجلس الأمن الإسرائيلي عوديد تيرا، الذي يرى أن حماس معنية بتحالفها مع سوريا وإيران أكثر من اهتمامها بحرية الشعب السوري، على حد قوله[15].
إمكانية انتقال ترسانة الأسلحة الصاروخية السورية، أو " الكيماوية " إلى منظمات وجهات تعتبرها إسرائيل " إرهابية "، في حال أدّت الانتفاضة السورية إلى حالة من عدم الاستقرار، وهو ما حذّرت منه جهات وشخصيات إسرائيلية عدة، من أبرزها الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية الميجور جنرال احتياط عاموس يادلين[16]، إضافة للتحذير الذي نقلته الخبيرة الإسرائيلية في الشؤون العربية "أنشيل بفيفر" عن ضبّاط كبار في هيئة الأركان الإسرائيلية، الذين أثاروا تساؤلات عن مصير صواريخ سكود التي نصبها الجيش السوري في مدينة درعا الاستراتيجية[17]، وهي المدينة التي شهدت أشدّ الاحتجاجات ضدّ النظام السوري.
وقد حاولت إسرائيل استغلال الأحداث لممارسة الضغوط الدبلوماسية على موسكو، في محاولة لوقف تنفيذ الصفقة التي وقعتها مع دمشق عام 2007، لتزويد الأخيرة بوحدتين من صواريخ "بى-800 ياخونت"، المضادّة للسفن، بادّعاء الخوف من وصولها إلى "أيدٍ معادية" من وجهة النظر الإسرائيلية[18].
احتمال حدوث توتّر على الحدود السورية الإسرائيلية، في حال انهيار نظام بشار الأسد، الذي يتفق معظم المحللين الإسرائيليين على أنه حافظ على حدود هادئة، وأجواء سلمية بين سوريا وإسرائيل، على الرغم من أن البلدين يعيشان - رسميا - في حالة حرب.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية، عن أحد وزراء حكومة نتنياهو، تصريحات قال فيها أنّ إسرائيل تعرف بشار الأسد كما عرفت والده، وتدرك أنهما جعلا الحدود الشمالية لإسرائيل مع سوريا هي الأكثر هدوءً على الإطلاق[19].
أمّا الصّحف الإسرائيلية، فقد نشرت الكثير من الآراء التي تعتقد أنّ بقاء نظام الأسد هو في مصلحة الهدوء مع سوريا، بالنظر إلى عدم القدرة على التنبّؤ بطبيعة الوضع مع أيّ نظام جديد قد تنتقل إليه السلطة كنتيجة للأحداث[20]، وهو ما عبّرت بعض التحليلات الإسرائيلية عنه بالقول أن الشيطان الذي تعرفه خير من الذي لا تعرفه.
عدم وجود قنوات اتصال مباشرة مع دمشق، عكس ما هي عليه الحال مع مصر والأردن، وكذلك عدم وجود اتفاقية سلام بين إسرائيل وسوريا، وهو ما قد يَحول دون الاتصال مع دمشق لوضع ترتيبات تخفّف من خطر أيّ تداعيات سلبية للانتفاضة السورية على إسرائيل[21].
الخشية من انتقال الحكم في سوريا إلى جماعة " الإخوان المسلمين "، التي رأت كثير من التحليلات الإسرائيلية أنها تمثّل القوة الأكثر تنظيما في المعارضة السورية، والجهة الأكثر تأثيرا في تحريك الاحتجاجات، وهي بالتالي الجماعة الأوفر حظًّا لاستلام الحكم إذا ما انهار النظام السوري[22].
ويرى بعض المحلّلين الإسرائيليّين أنّ خطورة وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في سوريا تكمن في كونهم سيسعون لتشكيل تحالف عريض معادٍ لإسرائيل مع حكومة مصرية يكون للإخوان دورٌ محوري فيها، ومع حكومة حماس في غزة، وهو ما يجعل إسرائيل وسط بحر من " الإسلام المتطرف "، حسب المحلل في صحيفة معاريف، بن كاسبيت[23]، الذي يعتقد أنّ مثل هذا السيناريو يعني حاجة إسرائيل لرفع ميزانية الدفاع، والاستعداد للعيش في المنطقة دون أمل بالسلام. فيما يشدّد آخرون، مثل المحلل السياسي يوسي ألفر، على أنّ حكم سوريا من قبل الإخوان يعني ضياع أيّ فرصة للسلام بينها وبين إسرائيل[24].
احتمال زيادة النفوذ الإيراني في لبنان، بديلا للفراغ الذي قد يتركه سقوط نظام بشار الأسد وانتهاء نفوذ دمشق في لبنان، وهو ما يشكّل حسب بعض المحلّلين الإسرائيليين خطورة أكبر على تل أبيب من النفوذ السوري[25].
المكاسب الإسرائيلية المحتملة من الانتفاضة السورية
عرضت بعض التحليلات والدراسات الصادرة في إسرائيل، العديد من المكاسب التي من المحتمل أن تجنيها إسرائيل، بفعل الانتفاضة السورية. ومن أهم هذه المكاسب:
إن أي تراجع في قوة النظام السوري يشكل ضربة لإيران، التي تواصل سعيها لزيادة تأثيرها في ساحات مختلفة، وتدعم حلفاءها بالمال والسلاح، حسب ما جاء في تقرير هيئة المخابرات العسكرية الإسرائيلية السنوي، الذي قدمه الجنرال افيف كوخافي في الثالث من شهر نيسان/ أبريل.
وقد اعتبر التقرير أنّ إيران تشعر بالانزعاج من احتمال خسارة سوريا " كإحدى الجهات الرئيسة في محور الشر "[26]، وهو ما يشكل بالنسبة إلى إسرائيل مكسبا كبيرا، لأنها ترى في أيّ ضعف إيراني مكسبا سياسيا وأمنيا لها.
ويرى بعض المحلّلين الإسرائيليين أيضا، أنّ إضعاف النظام السوري سيعطي الفرصة لخصوم المعسكر الإيراني في لبنان لتقوية أوضاعهم في الساحة الداخلية، وهو ما يصبّ في نهاية الأمر في مصلحة إسرائيل[27].
إنّ تغيير النظام في سوريا، قد يؤدّي حسب وجهة نظر عدد من المحللين الإسرائيليين إلى قيام نظام ديمقراطي " مؤمن بالسلام "، يعمل على قطع علاقاته مع قوى المقاومة الفلسطينية وحزب الله وإيران، وهو ما يشكّل بالتالي مصلحة إسرائيلية، كما يرى رئيس الاستخبارات السابق عاموس يادلين[28] وعدد كبير من المحللين الإسرائيليين، خصوصا أولئك الذين ينظرون إلى الاحتجاجات في سوريا من وجهة نظر طائفية، ويعتبرونها انتفاضة موجّهة من الأغلبية السنّية إلى الأقلية العلوية الحاكمة، وهو ما يدفعهم للاعتقاد أنّ انتصار " السنّة " على العلويين " الشيعة " في سوريا سيجعل انهيار تحالفها مع " إيران الشيعية " أمرا محتوما[29].
إنّ انشغال الجيش والأمن السوري، بالحفاظ على النظام وضبط الأمن داخل البلاد، سيخفّف الضغوط الأمنية على إسرائيل، حسب تقديرات القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي[30]، كما أنّ أيّ ضعف في النظام السوري، سيهدّئ "جبهة حربية" على إسرائيل، حسب ما نُقل عن الرئيس الإسرائيلي بيريز أثناء زيارة تفقدية للحدود الشمالية لإسرائيل قرب الجولان[31].
الخلاصة
تُتابع إسرائيل تطورات الأحداث في سوريا، نظرا لخصوصية الوضع السوري، باعتبار سوريا دولة مجاورة لإسرائيل، لا ترتبط معها بمعاهدة سلام كما هي الحال مع مصر والأردن، وهو ما يعقِّد الموقف الإسرائيلي لأن تل أبيب لا تمتلك قنوات اتصال مباشر مع دمشق.
وتشكل تطورات الأحداث في سوريا تحدّيًا كبيرا لإسرائيل، نظرا لعدم قدرتها على قراءة الموقف بشكل واضح، ولعدم معرفتها إنْ كان التغيير في سوريا سيصبّ في مصلحتها، أم أنه سيعود بالضّرر عليها على المدى القريب والبعيد، وهو ما جعل الموقف الإسرائيلي "المعلن" من الانتفاضة السورية يقتصر على الترقّب والانتظار.
وقد فتحت الانتفاضة السورية مجددا باب النقاش في إسرائيل حول ما يسمَّى "الخيار السوري"، بين من يعتبر الأحداث تأكيدا على ضرورة التوجّه لعقد معاهدة سلام مع السوريين، وبين من يحذّر من خطورة تسليم الجولان لنظام "وحشي" أو "غير مستقرّ" من وجهة النظر الإسرائيلية.
ويتّضح من قراءة المواقف الإسرائيلية للانتفاضة السوريّة ما يلي:
1.تفضّل إسرائيل أن لا تتمّ الإطاحة بالنظام السوري بطرق سلمية.
2.
تفضّل إسرائيل عدم الاستجابة لمطالب الشعب السوري المنادية بالحرّية والدّيمقراطية.
3.
تتمنّى إسرائيل أن يلجأ النّظام إلى حلول قمعيّة ودمويّة بدل الدخول في مفاوضات مع أطياف المعارضة وبدل التوصّل إلى حلول سياسية تضمن إصلاحات حقيقية وشاملة.
4.
تؤْثر إسرائيل استمرار النظام القائم على الاستبداد والفساد كوسيلة حكم، وهناك العديد من التصريحات الإسرائيلية التي تؤكّد ذلك.
5.
تفضّل إسرائيل أن تنحدر سوريا إلى حالة من الصراع الطائفي تستمرّ أطول فترة ممكنة، لا أن تتحوّل إلى حالة من النّضال لتحقيق الحريّة والدّيمقراطية.

هوامش:

•[1]
انظر مثلا يوسي ألفر اضغط هنا و افتتاحية صحيفة "هآرتس" بتاريخ 28.03.2011  اضغط هنا
•[2] اضغط هنا
•[3] اضغط هنا
•[4]
مقال أوري هيتنر، نقلته صحيفة "الحياة الجديدة" الفلسطينية عن صحيفة "إسرائيل اليوم"،اضغط هنا
•[5] اضغط هنا
•[6]
موقع "الملف" عن صحيفة "إسرائيل اليوم": اضغط هنا
•[7] اضغط هنا
•[8] اضغط هنا
•[9] اضغط هنا
•[10] اضغط هنا
•[11] "
القدس العربي"، نقلا عن "إسرائيل اليوم"، اضغط هنا
•[12]
موقع "الانتقاد "اللبناني نقلا عن مجلة "بمحانيه "العسكرية الإسرائيليةاضغط هنا
•[13] اضغط هنا
•[14] اضغط هنا
• [15] "
سما الإخبارية"، عن "إسرائيل اليوم" 4/4/2011، اضغط هنا
•[16] اضغط هنا
•[17]
تقرير " أبرز قراءات الأحداث في سوريا"، نشره مركز الزيتونة للدراسات، نقلا عن موقع قضايا مركزية الإسرائيلي، اضغط هنا
•[18] اضغط هنا
•[19] اضغط هنا
•[20]
سما الإخبارية عن صحيفة معاريف الإسرائيلية اضغط هنا
•[21] اضغط هنا
•[22]
انظر مثلا، الكاتب والمحلل السياسي عاميت كوهين في اليوم السابع نقلا عن صحيفة "معاريفاضغط هنا وكذلك الخبير في الشأن السوري البروفسور ألكسندر بلاي والمحاضر الخبير بشؤون سوريا البروفسور موشيه معوز اضغط هنا
•[23]
سما الإخبارية عن صحيفة معاريف الإسرائيلية اضغط هنا
•[24] اضغط هنا
•[25]
يوني بن مناحيم - مركز دراسات وسائل الإعلام والإذاعة والتلفزة العبرية، ترجمه عن العبرية مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، اضغط هنا انظر أيضا زئيف بارئيل اضغط هنا
•[26] اضغط هنا
•[27]
السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، ايتمار رابينوفتش، اضغط هنا
•[28] اضغط هنا
•[29]
انظر مثلا: دانيال فيبس، فلسطين برس عن " إسرائيل اليوماضغط هنا وعكيفا إلدار، ويوسي ألفر يوسي ألفراضغط هنا
•[30]
موقع الانتقاد اللبناني نقلا عن مجلة بمحانيه العسكرية الإسرائيلية،اضغط هنا
•[31] اضغط هنا
المصدر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 28/4/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق