ترجمة دراسة: "إسرائيل" تعيش أحداثاً عاصفة وتاريخية في يوم النكبة
17-05-2011
سقوط القتلى والجرحى لا يقل خطورة عن حالة "الغفلة" التي فوجئت بموجبها أجهزة المخابرات عما حصل.
التقديرات تجزم بصورة مؤكدة إلى أنّ نموذج الأمس هو المتبع خلال الفترة القادمة وصولاً إلى سبتمبر.
عاشت الساحتان السياسية والأمنية الصهيونية أجواءً عاصفة بفعل الأحداث التي شهدها إحياء يوم النكبة، داخل فلسطين وخارجها، مما استرعى حالة من الإستنفار لدى مختلف الأجهزة والأوساط العاملة.
تطورات ميدانية متلاحقة:
فقد قام سائق فلسطيني من مدينة كفر قاسم بدهس شرطيين "إسرائيليين" في منطقة جبل المكبر، مما أدى لإصابتهم بجروح طفيفة، وتمكن من الفرار، كما وقع حادث دهس آخر في مدينة "تل أبيب"، أسفر عن مقتل صهيوني وجرح 17 آخرين، وقام محتجون فلسطينيون بإلقاء زجاجات حارقة على حرس الحدود في حي سلوان في القدس. (موقع الشرطة الإسرائيلية)
"هستيريا" سياسية:
وعقب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على أحداث الأمس بالقول: إنّ "إسرائيل" مصممة على حماية حدودها وسيادتها، وقد أصدر تعليماته لقوات الأمن بالتحلي بأقصى درجة من ضبط النفس مع الإصرار على منع اختراق الحدود، آملاً أن يعود الهدوء والنظام إلى نصابهما قريباً، زاعماً أن تصادف فعاليات إحياء ذكرى النكبة مع ذكرى تأسيس إسرائيل يؤكد أن النزاع ليس على حدود 1967، بل أن قادة الفعاليات لا يقرون بوجود إسرائيل، ويرون أن الصراع يعود إلى عام 1948. (القناة العبرية الثانية)
وقد وصف وزير المالية "يوفال شتاينتس" أحداث مجدل شمس بـ"استفزاز" افتعله بشار الأسد لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية في سوريا، وما يقترفه من مذابح، زاعماً أن من لا يتردد في قتل المئات من مواطنيه، لا يخشى إرسالهم لاجتياز الحدود مع تعريض حياتهم للخطر. (موقع روتر الإخباري)
وطالب عضو الكنيست وعضو لجنة الخارجية الأمن "موشيه متالون" الجيش الإسرائيلي باستخدام كل ما لديه من قوة لردع المتظاهرين الذين يحاولون التسلل عبر الحدود، قائلاً: إن التعامل مع عشرات الأشخاص بشكل من الضعف والعجز من شأنه أن يجر آلاف وعشرات الآلاف في المرة القادمة".
من جانبه، صرح عضو الكنيست من الاتحاد الوطني "ميخائيل بن آري" بأنه يجب أن يمنح الجيش الإسرائيلي كل تقدير بسبب استخدامه القوة المفرطة ضد المتظاهرين، لأنه لا يجوز أن تكون حدود إسرائيل مستباحة، وعلى كل أُم في سوريا أن تعلم أن كل إنسان يحاول التسلل إليها، فإن حياته في خطر، مطالباً الجنود الإسرائيليين بأن يطلقوا النار بكثافة على المتظاهرين, وأن يعلموا أن أي تصرف غير ذلك من شأنه أن يجر مظاهرات مليونية مستقبلاً. في ذات السياق، صرحت نائب وزير شئون المواطنة "ليئة نسيه" أن إسرائيل لن تمر مرور الكرام على مشاركة فلسطيني الداخل في مثل هذه المناسبة من جهة, ويتمتعوا بجنسية إسرائيلية من جهة أخرى, مطالبة الحكومة بأن تضرب بيد من حديد على يد هؤلاء، وتسحب جنسيتهم فوراً. القناة السابعة للمستوطنين.
مفاجأة استخبارية ثقيلة:
وقد أكد محللون إسرائيليون أن الجيش الإسرائيلي فوجئ من اقتحام عشرات الشبان للسياج الحدودي في الجولان، ولم يستعد لمثل هذه الفعاليات، بعد تركيزه على المناطق الفلسطينية وداخل إسرائيل، حيث رجح الخبير الأمني "رون بن يشاي" أن ما جرى جاء بتشجيع السلطات السورية للفت الأنظار عما يحدث داخلها من احتجاجات، زاعماً أنها سمحت بنقل المتظاهرين بالحافلات إلى المنطقة الحدودية في الجولان، لأنه لا أحد في سوريا بمقدوره اختراق السياج الحدودي دون ضوء أخضر من السلطات، رابطاً بين ما جرى وتصريحات رامي مخلوف لتي قال فيها إن انعدام الاستقرار في سوريا يعني انعدامه في إسرائيل.
وأضاف: رغم تقدير الجيش قبل أسابيع أن يقوم النظام السوري "بتصدير" أزمته إلى إسرائيل بوسائل مختلفة منها العسكرية، لكنه فوجئ من اختراق السياج الحدودي، ولم يعزز القوات المرابطة هناك، لأن الحدود مع سوريا كانت الأكثر هدوءً في العقود الأخيرة، متوقعاً أن ما حدث قد يكون مقدمة لشهر أيلول المقبل عشية التصويت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. (موقع تيك ديبكا الأمني)
في سياق متصل، زعم مصدر أمني إسرائيلي كبير إن الجهات الأمنية المختصة لم تفاجأ بالمواجهات التي وقعت في منطقة مجدل شمس، وكانت على علم بأن آلاف الفلسطينيين قد يحاولون التسلل إلى هضبة الجولان، حيث تم توزيع الذخيرة المعدة لتفريق المظاهرات على الجنود هناك، ولكن لا يمكن الانتشار على امتداد حدود يبلغ طولها 220 كيلومتراً.
وأعرب عن اعتقاده بأن المواجهات قد تستمر، على الرغم من أنه توجد لسوريا ولبنان مصلحة في تهدئة الأوضاع، وعدم حدوث مواجهات حدودية، لكن من المتوقع أن تستمر المسيرات باتجاه الحدود مع إسرائيل كلما اقترب شهر سبتمبر أيلول المقبل، وقد يكون ذلك في أي جبهة.
ومضى يقول: انطوت المواجهات في الضفة الغربية على مستوى من العنف لم يسبق له مثيل منذ فترة طويلة، مؤكداً أن الفلسطينيين الذين تسللوا عبر الحدود السورية تلقوا الضوء الأخضر من السلطات. (موقع قضايا مركزية)
وأكدت وزارة الخارجية أن الجيش السوري يسيطر على المعابر الحدودية مع إسرائيل، ولذلك لم يكن بإمكان المتظاهرين الاقتراب من السياج الحدودي دون معرفته، أو موافقته. (موقع الخارجية الإسرائيلية) كما حمل الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي حكومتي سوريا ولبنان المسؤولية عما حدث، معلناً أن الجيش سيواصل العمل على منع حوادث تسلل في مختلف المناطق. (موقع الجيش الإسرائيلي) وقد ترأس رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي "بني غانتس" جلسة لتقييم الأوضاع الأمنية في أعقاب الأحداث التي شهدتها الحدود الشمالية، وأصدر تعليماته إلى القوات المرابطة على امتداد الحدود بالاستعداد لمواجهة كافة الاحتمالات، وإبداء اليقظة والحذر، حيث ستبقى حالة التأهب على ما هي في وحدات الجيش على الحدود الشمالية ومناطق الضفة الغربية وعلى حدود قطاع غزة خلال الأيام القليلة القادمة. (موقع الجيش الإسرائيلي) أوساط عسكرية أخرى ذكرت أن هناك فشلاً وقع فيه الجيش الإسرائيلي في 3 جبهات شمالاً وجنوباً، في وقف متظاهري يوم النكبة، ومن بينهم سوريون وعناصر حزب الله، وحدوث عمليات تسلل في مناطق ثلاث: مجدل شمس في الجولان، مارون الراس في لبنان، وهناك بدأ المتظاهرون بتدمير معدات وأجهزة تابعة له، معبر إيريز في قطاع غزة، حيث دمر المتظاهرون منشآت خاصة بالمعبر.
لكن التسلل الأكثر جدية والأخطر للغاية وقع في الجولان، حيث رفع المتظاهرون أعلاماً سورية وفلسطينية، واستخدم الجيش "متأخراً" القناصة والمروحيات التي فتحت النيران في محاولة لوقف تدفق المتظاهرين من سوريا، وتم الإعلان عن "مجدل شمس" منطقة عسكرية مغلقة، وحظر على الشرطة الإسرائيلية دخولها.
اتهام وجيه:
وقالت: إن فشل الحكومة والجيش الإسرائيليين يتزايد على ضوء أن الرجل المقرب للغاية من الرئيس السوري بشار الأسد، وهو رامي مخلوف، هدد بأنه في حال لم يتوقف التأييد الأمريكي والأوروبي للانتفاضة ضد الأسد، ستعمل دمشق على تطبيق خيارين إستراتيجيين لديها:
1. شن حرب ضد "إسرائيل".
2. إرسال شحنات سلاح للضفة الغربية وعرب إسرائيل، ليستخدمونها في عمليات ضد إسرائيل. (المنتدى الصهيوني للمخابرات)
وكان من الواضح من تلك التهديدات أن دمشق تخطط لحدث ما يوم النكبة لتشتت الرأي العام عما يدور من أحداث داخلها، ما يعني أحد الإخفاقات العسكرية والإستخباراتية الإسرائيلية الكبرى في السنوات الأخيرة، ما يتطلب استعداداً مكثفاً سيستمر في الأيام العشرة القادمة، على الأقل حتى يوم 23/5، في أعقاب التقديرات الإستخباراتية التي تقول أن الفلسطينيين لن يكتفوا بتظاهرات يوم الأحد، لكنها ستحاول التظاهر ورفع حدة الاضطرابات طيلة الأسبوع القادم أيضاً، تحسباً لخطاب الرئيس "باراك أوباما" حول علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم الإسلامي في أعقاب اغتيال أسامة بن لادن.
ويزداد الإخفاق الإسرائيلي إذا علمنا أن المصادر السياسية والأمنية الإسرائيلية عرضت تقديرات عشية الأحداث مفادها بأن التظاهرات والاضطرابات ستكون محدودة في حجمها لأن قوات الأمن الفلسطينية وجيوش الأردن ومصر ولبنان ستمنع انتقالها نحو إسرائيل، غير أن ما حصل يحمل حافزاً للانتشار والتفاقم، أكبر بكثير من صورة ضبط النفس والتماسك التي تعرضها المصادر السياسية.
عدم الاستعداد
وطبقاً لهذا التقدير الإستخباراتي، فإن نوايا الفلسطينيين هي زيادة حدة التظاهرات، سواء في الضفة الغربية أو بين عرب إسرائيل إلى المستوى الذي يجبر القوات العسكرية والشرطية الإسرائيلية على فتح الذخيرة الحية، للتسبب في سقوط الكثير من الضحايا. (القناة العبرية الثانية)
ومما يرجح فرضية أن ما حصل في الجولان تم بتشجيع من السلطات السورية بضعة أسباب:
1. يجري الحديث عن مئات ركضوا باتجاه السياج، وعشرات قاموا بتدميره عملياًً، وهؤلاء علموا جيداً قبل بدء الركض نحو السياج، أنهم سيعودون إلى سوريا، ولو فعلوا شيئاً لا يتناغم مع رغبة السلطات، فسيتحملون العقوبة.
2. التصريحات التي أطلقها ابن خال بشار الأسد، وهدد بشكل علني بعدم تحقيق استقرار في "إسرائيل"، وما حدث هو تطبيق تام لهذا التهديد الذي أطلقه من وصف بـ"أحد المهندسين الرئيسيين" لسياسات القمع الصلبة للانتفاضة ضد النظام.
ولذلك، فإن ما وقع فيه "مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي"، أنه لم يحلل بشكل صحيح المعلومات الإستخباراتية التي وصلته، وفقاً لرأي وهذا العميد "تسفيكا فوغل"، قائد المنطقة الجنوبية السابق، ورئيس وحدة الإنقاذ في هضبة الجولان اليوم، لأن ضباط المخابرات الإسرائيلية لم ينجحوا في فهم طبيعة الصراع الدائر هذه الأيام على الساحة السياسية بيننا وبين الفلسطينيين، لأن أحدهم لو فهم ذلك، لكانت الاستعدادات لشهر سبتمبر في ذروتها، ولكانت الأعين يقظة على ما يدور في الجبهة الشمالية.
وأضاف: حقيقة أن أحدهم ينجح في خرق الحدود الإسرائيلية لا تزعج فقط من الناحية الأمنية، لكنها مُزعجة من الناحية السياسية أيضاً، لأن المستوى السياسي الإسرائيلي بدا وكأنه "في حالة سُبات"، وكل ما يقال عن "تسونامي" في سبتمبر لم يتحول إلى خطوة عملية، ولم نشهد حشداً حقيقياً واستعداداً أساسياً في دوائر المستويات العليا والسفلى للمؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل. (مجلة "بمحانيه" العسكرية)
المصدر: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، ملحق خاص، 16/5/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق