"معاريف": حماس طورت وجربت صواريخ بالبحر يصل مداها الى أكثر من ستين كيلومترًا
الناصرة ـ زهير أندراوس:
قالت مصادر أمنيّة في تل أبيب أمس إنّ الضربات الأليمة والخفية من قبل إسرائيل ضدّ حماس، لا تتوقف، مشيرةً إلى أنّه في السنوات الأخيرة فوجئت حماس ومساعدوها الإيرانيون بسلسلة من العمليات العالمية ذات الهدف الواحد: إحباط منظومة تهريب السلاح ولاسيما الصواريخ والمقذوفات الصاروخية إلى القطاع. الإبداعية والجسارة في العمليات المنسوبة لإسرائيل، قالت صحيفة 'معاريف' العبريّة، التي اعتمدت على مصادر أجنبيّة للالتفاف على الرقابة العسكريّة، هي نتيجة معلومات استخبارية نوعية ودقيقة.
وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ معلومات تسمح باختطاف المهندس ضرار أبو سيسي في ظلمة الليل من داخل قطار يشق طريقه نحو كييف في أوكرانيا أو توجيه ضربة موت من الجو على قافلة شاحنات تندفع في الصحراء السودانية، ولكن، استدركت المصادر عينها، رغم المساعي الكبيرة، فان أحدا من مخططي العمليات لا يوهم نفسه: سلاح بكميات كبيرة ما زال يتدفق نحو قطاع غزة. وزعمت المصادر الإسرائيليّة، التي وصفتها الصحيفة بالمطلعّة جدا أنّه في إطار استخلاص الدروس من حملة الرصاص المصبوب، استوعبت حماس بأنّ عليها أن تحصل على سلاحٍ إستراتيجيّ، يزيد ردع الحركة في وجه التفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي. وفور الحملة، في كانون الثاني (يناير) 2009 حاولت حركة حماس، بتنفيذ عمليات تهريب ضخمة لأسلحة إيرانيّة إلى داخل القطاع.
وأردفت أنّ الوسائل القتالية، بما فيها صواريخ (فجر) التي تصل الى غوش دان، التي تعتبر عصب الدولة العبريّة، أرسلت إلى السودان ومن هناك كان يفترض أن تنقل غالى سيناء ومن ثم إلى غزة، ولكن قافلة الشاحنات، التي شقت طريقها في الصحراء السودانية تعرضت للهجوم من الجو ودمرت تماما، وكشف النقاب عن الهجوم فقط بعد نحو مرور ثلاثة أشهر، وعزته المصادر لسلاح الجو الإسرائيليّ.
وبحسب تقرير صحيفة 'معاريف' فإنّه بعد سنة بالضبط، في كانون الثاني (يناير) من العام 2010 تمّت تصفية الحساب مع المسؤول عن عملية التهريب إياها. محمود المبحوح، الذي كان يعتبر رئيس شبكة تهريب السلاح في حماس، صفي في غرفته في فندق في دبي.
واعترفت المصادر أنّه بعد نحو أسبوعين أذهلت شرطة دبي العالم بنشرها شريط فيديو لكاميرات الحراسة التي توثق خلية المغتالين وتفاصيلهم، وفي هذه العمليّة، قالت الصحيفة، تمّ تحميل الموساد (الاستخبارات الخارجيّة الإسرائيليّة) المسؤولية عن تنفيذ عملية اغتيال الشهيد المبحوح.
وساقت الصحيفة قائلةً إنّه في الهجوم الذي نفذ قبل أسبوعين في السودان، هكذا حسب المصادر الأجنبيّة، يمر خط خيالي بين قصف قافلة السلاح وبين تصفية المبحوح. هنا أيضا هاجمت طائرات داخل السودان، ولكن هذه المرة يدور الحديث عن إحباط مركز.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ فضائية (العربيّة) فادت بانّ هدف التصفية كان المسؤول عن جهاز التسليح في حماس، والذي يعتبر خليفة المبحوح. إحباط مركز كهذا يحتاج إلى مستوى استخباري دقيق أكثر بكثير مما يحتاج إليه قصف القافلة، كما أن التشخيص، زادت المصادر، من الجو كان أصعب، وكان يحتاج اغلب الظن الى مساعدة من الأرض. وقالت الصحيفة أيضًا إنّه قبل نحو شهرين وصلت الذراع الطويلة لإسرائيل مرّة أخرى إلى غياهب الذراع العسكرية لحماس، ففي 19 شباط (فبراير) اختفى في أوكرانيا المهندس الفلسطيني ضرار أبو سيسي، نائب مدير محطة توليد الطاقة في غزة. وبعد عدة أسابيع من التعتيم الإعلامي تبين أن أبو سيسي معتقل في إسرائيل. لائحة الاتهام ضده، التي كشف النقاب قبل أسبوعبن، تبين أنّ المهندس المخطوف تبوأ منصبا مركزيا في جهاز إنتاج الصواريخ في حماس وأقام علاقات مع القيادة العسكرية العليا لحركة حماس.
فضلاً عن تلك القضايا، أضافت الصحيفة العبريّة، بقيت أحداث أخرى أكثر غموضًا، ولا سيما بسبب انعدام رغبة حماس في كشف مدى إصابتها. هكذا، مثلا، في كانون الأول (ديسمبر) 2009، قبل شهر من تصفية المبحوح وقع انفجار في حافلة سياح في دمشق. محافل أمن فلسطينية ادعت في حينه بأنّ الحافلة أقلّت نشطاء من الحرس الثوري الإيراني ونشطاء حماس من غزة، خرجوا لتدريبات عسكرية في الخارج. في انفجار الحافلة قتل خمسة من رجال الحرس الثوري وثلاثة نشطاء من حماس، ولكن دمشق، وطهران وغزة حافظوا على تعتيم تام.
وأوضحت المصادر الإسرائيليّة أنّه بالتوازي مع الحملات الاستخبارية، عمل الجيش الإسرائيلي وهنا بدرجة انكشاف أعلى على شكل فعالية مسار التهريب البحري، إذ أنّه قبل عدة أسابيع سيطر سلاح البحرية على سفينة الشحن (فكتوريا) والتي حملت صواريخ شاطئ بحر متطورة وأجهزة رادار للمنظمات في غزة.
التقدير هو أنّ فكتوريا خططت لإنزال السلاح في سيناء ومن هناك ينقل برا إلى قطاع غزة، ولكن رغم الجهود الكبيرة، والتي تكاد تكون في كل جبهة ممكنة، واصلت حماس عملية تسلحها. إرسالية صواريخ 'فجر' الأولى وان كانت أُبيدت في الصحراء السودانية، إلا أنّ إرساليات أخرى وجدت طريقها إلى غزة. فقبل نحو سنة اعترف اللواء عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات في حينه بأنّ حماس تملك صواريخ لمدى 60كم، تصل إلى أطراف غوش دان، وخلصت المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة إلى القول إنّه منذئذ نجحت حماس في زيادة المدى بل ونفذت عدة تجارب باتجاه البحر، على حد تعبيرها.
القدس العربي، لندن، 4/5/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق