الكيان الصهيوني يسير نحو عصر من انعدام الاستقرار
[ 27/12/2011 - 07:10 م ]
يسرائيل زيف
مؤشر واضح على الضعف الغربي والتغييرات الجغرافية السياسية الجارية حولنا، في نهاية الاسبوع قالت وزارة الخارجية ان الدول الغربية الاوروبية غير ذات صلة، قول غير دبلوماسي وفي السياق الملموس ولكن لاسفنا الشديد جد ذات صلة وذلك لان الشرق الاوسط يتدهور ويتطرف في الوقت الذي يفقد الغرب لا سيما الولايات المتحدة قوته لدرجة انعدام التأثير على ما يجري. ايران تواصل التقدم نحو السلاح النووي، والمناورة التي أعلنت عنها في مضائق هرمز هي استفزاز واضح ضد تهديدات تشديد العقوبات عليها.
غير أنه في هذا الزمن المركب والخطير، عندما تتدهور كل المنطقة نحو انعدام اليقين وانعدام التحكم، ينشأ الانطباع بأن الهم المركزي لحكومة نتنياهو يتركز على تقديم موعد الانتخابات، من أجل استغلال الوقت المناسب الذي يتوفر للحكومة في فترة السباق نحو الانتخابات في الولايات المتحدة. تجاه الداخل يبثون الاحساس بأن الامور تسير كالمعتاد رغم أن «الحي» في المحيط يشتعل ولا يبدو ان لاسرائيل أجندة واضحة. السؤال المحتم هو هل يعنى جدول الاعمال الوطني بما يلزم حقا أم ربما يوجد هنا كبت أو تجاهل مقصود للمشاكل المشتعلة امام باب بيتنا حقا.
في قطاع غزة يتدهور الوضع من سيئ الى أسوأ حماس تستمد التشجيع من التغييرات في المنطقة وصعود قوة المتطرفين في العالم العربي. فهمها في أن مجال رد الفعل الاسرائيلي للعمل ضدها آخذ في التقلص، على خلفية مسيرة التطرف في مصر والعزلة المتزايدة لاسرائيل في الاسرة الدولية، ما يزيد جرأتها على العمل ضدها. الفلسطينيون، الذين لا يؤمنون بالحكومة الحالية، تكبدوا فشلا في الخطوة الدولية لاستقلال من جانب واحد، غير أن هذا الفشل لم يعد خيار المفاوضات من جانبهم، وتوسيع المستوطنات هو مجرد ذريعة، يعمل في هذه الحالة في صالح الطرفين، من أجل الامتناع عن العودة الى قناة الحوار.
الفلسطينيون لا يؤمنون بأنهم سينجحون في الحصول على شروط أفضل من حكومة نتنياهو من تلك التي حصلوا عليها من باراك واولمرت وعمليا لا يؤمنون بامكانية تحقيق اتفاق مع الحكومة الحالية.. امكانية وهم يرون الضعف الاميركي في المنطقة، وليس لديهم أي توق لاعطاء اوباما انجازا سياسيا عشية الانتخابات بعد أن أدار لهم ظهر المجن في الجمعية العمومية للامم المتحدة التقارب مع حماس هي السبيل شبه الوحيد في ضوء انعدام البديل السياسي. الحقيقة هي أن الوضع المحبط الذي يعيشه الفلسطينيون أخطر من أي وقت مضى ويمكنه أن يعيد الى جدول الاعمال العنف بشكل متطرف وأسرع بكثير مما يمكن توقعه.
في الموضوع المصري، المسيرة الجارية لدى جارنا من الجنوب ليس الا سياق من التدهور المرتقب مسبقا، والعمى الاميركي والكبت الاسرائيلي وحدهما لا يزالان يتعلقان بالقوة المستنفده للقيادة العسكرية، التي لا تؤمن بنفسها. يوجد حق في اقوال المحللين بأن لمصر، تحت كل حكم، مهما كان متطرفا، لا توجد بدائل كثيرة لا سيما ليست اقتصادية كون مصادر الدخل محدودة وستواصل كونها متعلقة بالولايات المتحدة وبتوريد الغاز لاسرائيل. صحيح، هذا الوضع وان كان يقلص احتمال العمل المتطرف مثل الغاء استعراضي لاتفاق السلام و/ أو اعادة حالة الحرب مع اسرائيل، الا انه بالمقابل، حتى دون اعلان، فإن فقدان السيطرة في سيناء واللبننة في شبه الجزيرة، سياسة تأييد حماس ومنح يد حرة لارساليات السلاح الى غزة، سيشكل خطا جديدا ومتطرفا ضد اسرائيل. حكومة مع أغلبية للاخوان المسلمين، ستقضم ببطء السياسة حيال اسرائيل. الاميركيون، الذين من جهتهم سيرغبون دوما في البقاء على صلة وبتأثير ما، لن يتخذوا أي خطوة تعرضهم للخطر وتجعل من الصعب جدا عليهم العمل لوقف مثل هذا التآكل.
تنبغي الاشارة الى أنه في الوراء الى فترة الانشقاق الطائفي خلفية الامور يأتي الخروج الاميركي من العراق والذي اعاده الى وهو الان ثمرة ناضجة ستقع الان في ايدي النفوذ الايراني. الفوضى الان في العراق وفك ارتباط الاميركيين عن المنطقة سيؤثران سلبا على الميل والاستقرار في المنطقة بأسرها.
اسرائيل تدخل في فترة هي من اكثر الفترات تركيبا وتعقيدا في تاريخها والاحساس هو ان ليس للسفينة طريق واضح للابحار فيه. لا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بالمستقبل القادم ولكن معنى ميل الاحداث والسياقات واضح للغاية؛ نحن نسير نحو عصر من انعدام الاستقرار، التعزز والريادة للعناصر الاصولية والصعود فيه العداء تجاه اسرائيل.
في السطر الاخير، الشرق الاوسط من شأنه أن يتدهور الى وضع من انعدام التحكم، واذا كانت اسرائيل لا ترغب في ان تستيقظ ذات صباح لتجد نفسها في المكان الذي كانت فيه في الستينيات، عندما كانت كل المنطقة ضدها، فإنها ملزمة بأن تأخذ المبادرة في يديها وتعمل في كل جبهة يوجد لها امكانية للتأثير فيها؛ جهد شجاع وحقيقي لحل وسط مع الفلسطينيين؛ تخفيف حدة العداء التركي ومنع الاخطاء حيال الاردنيين والمصريين. كل هذا يمكن أن يفعل الكثير لتخفيض الميل السلبي القائم بل وتحقيق شرعية للعمل على تغيير الوضع. هذه السياقات ستهدئ روع الاردنيين، الذين يشكلون حاجزا حيال ايران، وستخرج الهواء من دولاب التطرف والعداء في الرأي العام العربي وتحسن الاجواء مع اوروبا والعالم. الحاجة الى التأثير على ما يجري في هذا الزمن هي حاجة حرجة وتشكل اختبارا للزعامة الوطنية الحقيقية. هذا ليس الوقت الذي تتدبر فيه الامور من تلقاء ذاتها، بل الاختبار الحقيقي للحكومة التي ستقرر مستقبلنا للعقود القادمة – والكرة في يديها.
معاريف، 26/12/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق