الاثنين، 19 ديسمبر 2011

إسرائيل تواجه إفرازات الربيع العربي بـالتحالف مع تجار الحرب


إسرائيل والتحالف مع تجار الحرب
2011-12-03 
لقد فرض الربيع العربي على دولة الإحتلال الإسرائيلي وضعاً صعباً للغاية على المستوى الأمني والسياسي والعسكري وشيئا ما في المجال الإقتصادي، وبدأت تنهار نظرية الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة العربية، وذلك على  الرغم من عدم تغير شيء ملموس على أرض الواقع  حتى الآن إلا أن قراءة الساسة الإسرائيليين والعسكر من خلفهم أوصلتهم إلى نتيجة مفادها أن إفرازات الربيع العربي ستكون وبالاً عليهم.  فأول شيء انهارت وإلى الأبد سكة قطار التطبيع العربي مع إسرائيل الذي هرول إليه الكثير في السنين الماضية، وستدخل الأمور قريباً نحو تجميد العلاقات ثم قطعها، وكذلك تجميد المعاهدات ومن ثم إلغائها، ثم قد تدخل الأمور في حرب شاملة في المنطقة لكن هذا الخيار مستبعد في الأشهر أو السنوات القريبة، لكن الأقرب منه هو تحول الجبهات العربية مع الاحتلال إلى جبهات مناوشة عبر المنظمات الفلسطينية أو الإسلامية خصوصاً جبهة الحدود مع سيناء. ولن تكون هناك أية دولة عربية مستعدة لأن تكون دولة صديقة لــ "إسرائيل" وتدافع عن حدودها.  في ظل هذا الوضع المعقد تبحث إسرائيل عن صياغة خطوات عسكرية وأمنية وسياسية على المستوى الإستراتيجي وعلى المستوى الإجرائي، ولقد بدأت تظهر ملامح بعض هذه الخطوات.  أهم هذه الخطوات على مستوى الإستراتيجية السياسية هو توجه إسرائيلي جديد نحو الدول الإفريقية المسيحية خصوصاً أوغندا وكينيا وأثيوبيا ودولة جنوب السودان الجديدة.وهي ما تُعرف بدول تجار الحروب ويُعرف بعضها بدول منابع ومجرى النيل.  وعلى ذلك التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الشهر الماضي بكل من رئيس الوزراء الكيني "ريلا أودينغا" والرئيس الأوغندي "يوآري موسباني"خلال زيارتهم لـ "إسرائيل" وتم توقيع عدد من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية, ولقد أجرت الحكومة الإسرائيلية لقاء مصالحة بين الرئيسين الإفريقيين في مدينة القدس وذلك بعد خلاف دام بينهما نحو 20 عام.  وفي وقت سابق اجتمع نتنياهو بالرئيس الجديد لدولة جنوب السودان على هامش افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك, علما أن "إسرائيل" كانت من الأوائل الذين اعترفوا بدولة جنوب السودان.  وكانت مصادر إعلامية قد كشفت النقاب عن أن إسرائيل بصدد إنشاء قاعدة جوية في ولايتي الوحدة وأعالي النيل بجنوب السودان. وقد أثارت هذه الأخبار مخاوف من أن يتطورالى  تعاون عسكري بين الطرفين ما يشكل خطرا على دولة السودان وعلى الدول المجاورة . تأتي هذه الأنباء بعد أيام قليلة على زيارة وفد إسرائيلي لمدينة جوبا ناقش إقامة علاقات دبلوماسية ومشروعات مشتركة .  السياسة الإسرائيلية تجاه أفريقيا تعود إلى واحد من أقدم أعمدة الإستراتيجية "الإسرائيلية" التي رأت أن حصر المعركة مع العرب في الجبهة الحدودية الضيقة لا يخدم "إسرائيل" لأسباب كثيرة،ولذلك لابد من توسيع هذه الجبهة.  وتحاول تل أبيب جاهدة الاستفادة من دروس الماضي بما يرسخ من أقدامها في القارة الأفريقية، وفي هذا الإطار كشف مسئول إسرائيل رفيع مقرب من نتنياهو هذا الأسبوع لصحيفة معاريف بأن نتنياهو يحضر لزيارة تاريخية لأربع دول افريقية هي أوغندا وكينيا وأثيوبيا ودولة  جنوب السودان، وقال المصدر إن هذه الزيارة التي ستكون مطلع العام القادم هي زيارة تاريخية تهدف لتعميق العلاقات الإسرائيلية مع هذه الدول المسيحية وهي تأتي في إطار إعادة صياغة التحالفات في ظل الربيع العربي الجديد.  

 وتؤكد إسرائي لعلى ثلاث أدوات رئيسية لتعميق هذا التحالف تتمثل في المساعدات الاستخبارية والتدريبات العسكرية في مجال تدريب قوات الشرطة وقوات الحرس الرئاسي.  ثاني هذه الأدوات هو المساعدات الفنية في مجال نقل المهارات التقنية وغيرها عن طريق برامج تدريبية معينة، وتزويد الدول الأفريقية بخبراء إسرائيليين، وإنشاء شركات مشتركة أوعلى الأقل نقل الخبرات والمهارات الإدارية للشركات الأفريقية.  وثالثا تجارة السلاح والألماس  فطبقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن هناك تورطاً لشركات إسرائيلية ولتجار إسرائيليين في التجارة غير المشروعة للألماس.  هذه التجارة يوازيها تجارة أخرى غير مشروعة في السلاح حيث يتم عقد صفقات لبيع الأسلحة وهو ما يسهم في استمرار واقع الصراعات والحروب الأهلية في الدول الأفريقية, ويدر في المقابل مبالغ طائلة تنعش الخزينة الإسرائيلية بمليارات الدولارات.  إن التوجه الإسرائيلي نحو أفريقيا نابع من إدراكها المتزايد لأهمية القارة السوداء بحسبانها ساحة هامة من ساحات إدارة الصراع العربي الإسرائيلي نظراً  لعدة أمور، أهما:          ثقل الصوت الأفريقي في الأمم المتحدة.          إمكانية التأثير عبر تلك الدول على عدد من الدول العربية ذات الموقع الإستراتيجي كــ مصر والسودان اللتان تعتمدان على نهر النيل كشريان حياة أساسي يمدهما بالماء.          إمكانية التأثير على معظم  الدول العربية الإفريقية وذلك من خلال تفعيل القلاقل فيها عبر مد بعض القبائل بالمال والسلاح وبالتالي جعل هذه الدول تلتهي في وضعها الداخلي أكثر من القضية الكبرى "قضية فلسطين"، وليس أدل على ذلك مما تقوم به هذه الدول في دولة السودان، وفي الصومال، ومحاباتها للنظام الليبي باستضافة زعمائه الفارين من عدالة الثورة الليبية.  فهل ينتبه العرب لهذه المؤامرة، ويفكروا باستراتيجية جديدة لمواجهة مثل هذه التحالفات الجديدة، وهل تُعيد المخابرات المصرية دورها التاريخي في هذه الدول وغيرها من الدول الإفريقية التي كانت مسرحاً للصراع بين مصر والاحتلال الإسرائيلي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق