معركة "الفرقان"تاريخٌ كتب بالدماء
[ 27/12/2011 - 04:38 م ]
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام
أصبح "27-12-2008" تاريخًا محفورًا في ذاكرة كل فلسطيني على وجه العموم، وكل غزي على وجه الخصوص، حيث يصادف هذا التاريخ بداية الحرب الصهيونية الشرسة على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين، بين شهيد وجريح.
وفي الذكرى السنوية الثالثة لمعركة الفرقان، تندمج الدموع مع البسمات؛ دموع على فراق الأحبة، وبسمات الفرح بنصر الله لعباده المجاهدين خلال هذه المعركة، فطوبى للثابتين، وبشرى للصابرين، "نصر من الله وفتح قريب"، ووعيد للكفرة المجرمين "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون".
العدو سيجد ردًّا قاسيًا
وبعد ثلاثة أعوام على معركة الفرقان وتواصل التصعيد الصهيوني الأخير في قطاع غزة أكد أبو عبيدة الناطق باسم القسام خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم السبت (24-12): "إن محاولات التصعيد الصهيونية الأخيرة هي لعب بالنار، وعلى العدو الصهيوني أن يدرك أن تصعيد العدوان لن يقابل بالصمت، وأن الهدوء من جانب القسام ليس ضعفًا أو خوفًا بل هو تقدير للموقف".
وأضاف "إذا أراد الاحتلال أن يختبر ردّنا فسيجد منا ردًّا قاسيًا، وندعوه أن لا يجرب هذه الحماقة، والعدو يدرك جيدًا أننا قادرون على ردعه، ورسالتنا في الأيام الماضية قد وصلت جيدًا للصهاينة، وعليهم أن يقرأوها بتمعن ودقة".
وشدد على أن التهديدات الصهيونية المتكررة ضد القطاع لن تخيفنا ولن تربكنا ولن تغيّر مواقفنا بل ستدفعنا إلى المزيد من اليقظة والإعداد والاستعداد للمواجهة، وإذا كان العدو يظن أن حربه الإجرامية يمكن أن تردعنا فهو واهم والأيام ستثبت صدق قولنا، وإذا كان الاحتلال فشل فشلاً ذريعًا في حرب الفرقان فإننا اليوم أقوى من ذي قبل بفضل الله تعالى، والعدو إلى الفشل أقرب.
وأوضح "إننا نسعى لتجنيب شعبنا الحرب والعدوان، لكن إذا فرض العدو المواجهة فنحن لها بإذن الله، وسنقاوم بكل ما أوتينا من قوة مهما كلف الأمر والصهاينة سيدفعون ثمن أي جريمة غاليًا".
ثلاثة أعوام على الحرب
هو نفس الحال على اختلاف الأيام، فقبل ثلاثة أعوام كان قطاع غزة في حصار، وتوج بحرب صهيونية قذرة عليه، بهدف كسر إرادته، وانتزاع المواقف منه، واليوم وبعد ثلاثة أعوام كاملة، هو ذات الحال، حصار مشدد أكثر من السابق، وتلويحات صهيونية بحرب جديدة، واستعدادات فلسطينية باتت بحمد الله أقوى من السابق.
حرب "الرصاص المسكوب"، هدفت بمجملها إلى إيقاف صواريخ المقاومة، والقضاء على حكم حماس، وتأليب الجماهير على الحكومة الفلسطينية، من أجل عودة التيار الخياني إلى سدة الحكم على أرض القطاع الطاهر، غير أن المجاهدين حوّلوا "الرصاص المسكوب" إلى بقعة زيت، ظلت تتمدد باستمرار لحظة بلحظة، لتحيل ليل اليهود إلى نهار، ولتثبت للجميع أن غزة عصية على الانكسار.
إنا باقون على العهد
لربما كان هذا هو الاستفتاء الأكبر، والسيف القاطع الذي قضى على كل الإشاعات، وبدد كل الأوهام، وأثبت للجميع مدى قوة حماس، من خلال مهرجان انطلاقتها الـ 24، والذي استطاعت خلاله حشد نحو 350 ألف مشارك، أحيت معهم انطلاقتها، وحمل مهرجانها عنوان "وفاء الاحرار - ياقدس إنا قادمون".
وفي الذكرى الـ 24 لانطلاقة حماس، أوصلت الحركة من خلاله رسالة صدمت جميع المثبطين، وأثبتت فشل الحرب والحصار الصهيوني على قطاع غزة، وأوضحت مدى شعبيتها الجماهيرية التي زادت بشكل أكبر مما كانت عليه، وبعد عامين على الحرب، ولتؤكد للاحتلال وأذنابه، أنها عصية على الانكسار، وأن دماء الشهداء والقادة تزيدها قوة، وتزرع فيهم روح التضحية والفداء، وليكون مهرجان "وفاء الاحرار - ياقدس إنا قادمون" بمثابة رسالة قوة، وتجديد للوعد، وحفاظ على العهد.
نصر بعد صبر
23 يومًا عاش خلالها سكان قطاع غزة أسوأ أيام حياتهم وأصعبها على الإطلاق، فلم يعرفوا ليلا ولا نهارًا، بل كانت أصوات القصف الجوي والبري والبحري المسيطرة على الموقف، وتشييع الشهداء لم يتوقف، والبحث عن المصابين والمفقودين ظل مستمرًّا لفترة ما بعد الحرب، ودماء 1500 شهيد، وإصابة آلاف الجرحى، وصبر أهل غزة، والتفافهم حول المقاومة، كانت مقدمات نصرهم على عدوهم.
الحاج المرحوم أبو ناهض أبو كميل من سكان قرية المغراقة وسط قطاع غزة، ظل ثابتًا في بيته المجاور لتمركز الاحتلال خلال الحرب، لمدة 20 يومًا من الحرب، لم يخرج إلا بعد أن اشتد القصف الجوي، وبعد أن توغلت قوات الاحتلال حتى محيط منزله، وخرج ثابتًا صامدًا داعيًا بنصر المقاومة، ومبينًا فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه.
الحاجة زينة الملاحي من سكان المغراقة، ظلت ثابتة في بيتها المجاور لمحررة "نتساريم"، لمدة 21 يومًا من الحرب، لم تخرج إلا بعد أن جرف الاحتلال منزلها، وحوله إلى أثر بعد عين، لكنها لم تتذمر ولم تنبذ المقاومة، بل خرجت أكثر قوة من السابق، وفي أول مقابلة صحفية قالت: "الله ينصر المقاومة، الله ينصر الحكومة، الله ينصر شعبنا، الله ينصر دين حماس كلها"، عبارات خرجت من القلب إلى القلب، علها تلامس آذانًا صُمّت، وتجرأت على أهل الثبات والمقاومة، وزجت بهم في غياهب السجون، إرضاء لأسيادهم "أمريكا والكيان".
قتل 80 جنديًّا وإطلاق 980 صاروخًا
وقد أكدت "كتائب القسام" أنها تمكنت من توجيه ضربات قاسية للعدو الصهيوني خلال الحرب التي استمرت لمدة اثنين وعشرين يومًا، من بينها قتل 80 جنديًّا صهيونيًّا.
وقال "أبو عبيدة"، الناطق باسم الكتائب في مؤتمر صحفي عقده من قلب مدينة غزة يوم الإثنين (19-1): "إننا ومن خلال المعارك التي عاد مجاهدونا منها؛ فقد رصدنا وبكل دقة عمليات قتل 49 جنديًّا صهيونيًّا بشكل مباشر وجرح المئات، ناهيك عن تلك العمليات التي لم يتم فيها مشاهدة عمليات القتل المباشر كقصف بالهاون وقنص الجنود واستهداف الدبابات، بالتالي فإن تقديراتنا تؤكد أن عدد القتلى الصهاينة لا يقل عن 80 جنديًّا في أرض المعركة، إضافة إلى وقوع عددمن القتلى ومئات الإصابات في المدن المحتلة التي عاشت من الطوارئ والشلل التام"، متحديًّا الجيش الصهيوني أن يُعلن عن خسائره الحقيقية في هذه المعركة.
وقالت الكتائب: "نحن نتحدى الجيش الصهيوني أن يعلن عن خسائره الحقيقية في هذه المعركة، وكل العالم سمع وشاهد كيف يشدد العدو الرقابة العسكرية ولا يصدر أي شيء سوى ما يرغب أن يخرجه هو للتضليل وللحفاظ على المعنويات المنهارة لجيشه المهزوم والذي يخوض حربًا لاأخلاقية وبدون هدف أو عقيدة، بل هو ألعوبة بأيدي السياسيين الفاسدين لأهداف حزبية وانتخابية وسياسية، نحن سنترك للعدو أن يبلغ أهالي القتلى من جنوده وعملائه لينعى إليهم قتلاه فهو يعرف جيدًا كم هي خسائره".
وأوضحت إنه كان من بين مسرحيات الرقابة العسكرية المعتادة، تسجيل الكثير من الجنود القتلى كحوادث سير، وكل من يراقب الإعلام الصهيوني يستطيع أن يكتشف ذلك بسهولة، كما تكتم العدو ولا يزال على المواقع الحساسة التي قصفناها كرد على هذه الحرب المجرمة والتي تقصف لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق