الأحد، 24 أبريل 2011


حماس تنجح في وجه المؤامرة وتموِّل نفسها بنفسها
هآرتس:حماس باتت قادرة على الاستغناء عن الدعم الخارجي
2011-04-23

ترجمة عكا- لدى حركة حماس طريقة خاصة في جمع الأموال، ومضاعفة دخلها إلى 13 ضعفا خلال 5 أعوام فقط، بعد أن كانت موازنتها عام 2005 تصل إلى 40 مليون دولار في السنة، إلى أن وصلت هذه الميزانية عام 2010 إلى 540 مليون دولار.
واعتمدت الحركة في زيادة ميزانيتها ودخلها على الناتج القومي الذي ازدهر، ولم يعُد لديها الحاجة لحقائب الدولارات المهربة عبر الأنفاق –حسبما تدعي صحيفة هآرتس-.
الصحيفة زعمت في تقرير لها، أن حماس وجدت الطريق المناسب لتجاوز العقوبات والحصار المفروض عليها، واستطاعت حل مشكلة السيولة المالية التي واجهتها في عامي 2006-2007، حيث أنشأت مؤسسة حكومية ناجعة، بسطت من خلالها سيطرتها على الأرض، وباتت قادرة على الدفع بسخاء لمؤيديها، واستطاعت بذلك عدم تحمل المسئولية عن مليون و600 ألف مواطن في قطاع غزة.
ورأت الصحيفة أن السلطة الفلسطينية والدول المانحة تُبدي تساهلا تجاه هذا الأمر، وهو ما يساعد على ملأ خزينة حماس بالأموال دون رغبة منها بذلك.
وكانت حماس في عام 2005 حركة متواضعة –بحسب الصحيفة- تضم في صفوفها من 4000 – 7000 مقاتل، بالإضافة إلى عدد قليل من المؤسسات التعليمية والزكاة، بالإضافة إلى هيكل تنظيمي حزبي.
ومنذ الانفصال عن قطاع غزة في عام 2005، تحولت حماس من حركة صغيرة إلى نقابة شركات ذات ميزانيات كبيرة، وتضاعفت ميزانية الحركة في خمسة أعوام من 40 مليون دولار إلى 540 مليون دولار في العام.
 وخلال هذه الفترة سيطرت حماس سيطرة كاملة على جميع المؤسسات الحكومية والمجالس البلدية في القطاع، وجهات مدنية كثيرة، وانفردت الحركة بالسيطرة على كافة الأجهزة الأمنية والاستخبارية في قطاع غزة، مثل الشرطة التي تضم في صفوفها أكثر من 11 ألف شرطي.
ويشير تقرير هآرتس إلى أن حماس تدفع مرتبات لـ40 ألف موظف، من بينهم 21 ألف يعملون في المجال الأمني، حيث يصل متوسط الرواتب الشهرية إلى 1500 شيكل.
واستدلّ التقرير بتصريحات رئيس الحكومة "إسماعيل هنية" التي أشار فيها إلى أن حكومته تنفق نحو 250 مليون دولار في السنة على الرواتب فقط، وهو ما معدله نصف ما تنفقه السلطة في غزة على ذات البند.
ولفت هنية إلى أن حماس تخصص 30 مليون دولار في السنة لنشاطاتها في القدس الشرقية وفي مناطق السلطة الفلسطينية، وقد تساءلت الصحيفة عن طريقة إدخال الأموال من قطاع غزة إلى الضفة!.
ويرى مُعِد التقرير في هآرتس أنه من الصعب الحصول على معطيات ذات مصداقية عن اقتصاد قطاع غزة، حيث أن حماس تجيد إبقاء ذلك طي الكتمان، موضحا أن معظم المعلومات الواردة في التقرير مستمدة من تقارير وسائل إعلام فلسطينية ومن مقابلات مع مصادر غزية مطلعة.
ونوّه مُعِد التقرير إلى أن الحديث يدور عن مجرد تقديرات فقط، وأنه لا يزال يبحث بشكل تفصيلي عن معلومات حديثة قدر الإمكان عن اقتصاد حماس وعن القوة الاقتصادية للحركة.


فرع الأنفاق في انهيار
 منذ سيطرة حماس في القطاع في تموز 2007 نقل إليها عبر المنظومة البنكية الفلسطينية 1.8 مليار دولار في كل سنة بالمتوسط، وقامت السلطة وحدها بنقل إلى البنوك في غزة نحو 1.1 مليار دولار في السنة، معظمها أموال الرواتب والتقاعد لـ 77 ألف من "الموالين لها"، رغم أن معظمهم لا يعملون.
وكان نحو 36 ألف منهم أعضاء في أجهزة السلطة الفلسطينية، ومنهم نحو 9 ألاف يعتبرون اليوم من الشرطة "الزرقاء" لحماس، التي تعمل كهيئة مستقلة في وزارة الداخلية لحكومة هنية.ويقدر صندوق النقد الدولي بأن الإنتاج المحلي الخام في القطاع ازداد في 2010 بمعدل 15%، وهو معدل مثير جدا للانطباع.وحسب تقرير الصندوق في نيسان 2011، فان الإنتاج المحلي الخام الشامل في القطاع وفي مناطق السلطة الفلسطينية كان 7 مليار دولار، ولكن الفارق في الدخل للفرد بين القطاع وبين الضفة الغربية بلغ 48%.وبعد تدقيق هذا المعطى مع معطيات أخرى، يتبين أن الإنتاج المحلي الخام السنوي للفرد في القطاع كان نحو 1.280 دولار، معظمه من دفعات تنقلها السلطة الفلسطينية، حيث أن الدفعات والتحويلات الأخرى تزيد المبلغ بالنصف، وعمليا تجعل الدخل السنوي 1.950 للفرد.
وتوضح المعطيات أن معظم هذا المبلغ لا يعكس نشاطا اقتصاديا إنتاجيا، بل أموالاً محولة على أنواعها، وبالفعل، فإن معدل البطالة في القطاع عالٍ، نحو ثلث قوة العمل، إضافة إلى ذلك، بفضل النمو الطبيعي، يضاف إلى قوة العمل في القطاع نحو 50 ألف نسمة في كل سنة.ويذكر الصندوق بأن النمو في النشاط الاقتصادي لم يؤدِ إلى نمو في استخدام العاملين –أغلب الظن بسبب البطالة الخفية التي كانت موجودة في أوساط العاملين-.وينبغي أن يضاف إلى "الميزان التجاري" لقطاع التجارة المتفرعة الجارية مع مصر في الأنفاق من تحت محور فيلادلفيا – 400 وأكثر في عددها.
ويمكن الاستنتاج من الشهادات الجزئية التي في أيدينا بأن الدورة المالية المتدحرجة في الأنفاق بلغت في ذروتها 650 مليون دولار في السنة، ولكن اليوم يوجد انخفاض بمعدل نحو الثلثين، فقد اقتطعت حماس نصيبا كبيرا من مداخيل تجارة الأنفاق، على شكل "جمارك" بنحو 14% عمولة يومية، تجبى من مستأجري الأنفاق المحليين.
وقد تقلصت التجارة جدا في حزيران 2010 عندما زادت إسرائيل أربعة أضعاف عدد الشاحنات التي يسمح بدخولها إلى القطاع لإدخال البضائع عبر كرم سالم.وحسب التقارير، وجدت حماس بسرعة سبيلا للتعويض عن الخسائر في المداخيل من الانفاق، حيث يتيح السعر المنخفض نسبيا للبضائع التي تأتي بالقنوات الرسمية من إسرائيل، يتيح لها جباية ضرائب جديدة على الكثير منها.ويرابط رجال الجمارك ورجال الشرطة التابعون لحماس في الجانب الغزي من معبر كرم سالم، ويفحصون كل شاحنة تحمل البضائع من اسرائيل، وفي بداية تموز 2010 حظر مؤقتا استيراد سيارات جديدة من اسرائيل إلى أن تنظم أنظمة جديدة للضرائب.
سلسلة طويلة من السيارات الفاخرة أخرت في وزارة المالية الغزية إلى أن رتب أصحابها "شؤون الترخيص" والتي تضمنت دفعات كبيرة، وبات الاستيراد الجديد في 20 أيلول 2010، خاضع للضريبة.
يشحنون الصناعة بالوقود
ما لا يزال ينقل في الأنفاق هو أساسا البضاعة التي لا تقر دخولها إسرائيل في المعابر، مثل، الوسائل القتالية، المواد المتفجرة، السجائر، المخدرات، المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، والاسمنت، الحديد ومواد البناء.
ويأتي الوقود في قنوات محفورة على مسافة نحو 40 متر تحت الأرض، وقد نصبت أجهزة نهل في فتحات الأنفاق، بل وفي داخل التربة، وهي تدفع بالوقود على أنواعه المختلفة نحو السيارات وكذا السولار الصناعي.
وأوقفت حماس تماما بمبادرتها استيراد السولار إلى محطة توليد الطاقة من غزة إلى إسرائيل، رغم أن محكمة العدل العليا ألزمت الجيش الإسرائيلي بأن ينقل إلى القطاع 2.2 مليون لتر من السولار كل أسبوع.
ووجد أفراد وزارة المالية في حماس أنه على الوقود التي تأتي من إسرائيل تفرض ضريبة "البلو" -ضريبة غير مباشرة-، بمعدل نحو 25 مليون شيكل في الشهر –وهي الأموال التي تنقل مباشرة إلى السلطة الفلسطينية في رام الله–، وكل ذلك فيما أن السلطة الفلسطينية تحصل على دخل بقيمة 170 شيكل في الشهر من كل متلقي راتب في غزة، وبدلا من أن يتدفق المال إلى السلطة الفلسطينية، قررت حماس أن تستورد بنفسها الوقود مباشرة من مصر.وباتت حماس توفِّر نحو 10 مليون شيكل في الشهر في أسعار الوقود، يضاف إلى ذلك ما تجبيه حماس بنفسها بقيمة 170 شيكل من معظم متلقي رواتب السلطة الفلسطينية، وضريبة الدخل هذه تغني صندوق حماس بنحو 10 مليون شيكل أخرى في كل شهر.
الدعم الحكومي والسلاح الإيراني
بحسب مصادر بنكية فلسطينية، فإنه منذ سيطرة حماس على القطاع في حزيران 2007، نقلت إليها عبر منظومة البنوك الفلسطينية أكثر من 6 مليار دولار في تحويلات بنكية، وتخصص السلطة الفلسطينية وحدها لقطاع غزة نحو 1.6 مليار في السنة.
وحسب رئيس حكومة السلطة الفلسطينية "سلام فياض"، فإن 54% من الميزانية السنوية للسلطة والتي بلغت في 2010 مقدار 3.17 مليار دولار، خصصت لغزة، مدعيا أنها تُدفع مقابل الكهرباء والوقود والماء التي تزود بها هذه الشركات القطاع.
وبحسب شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي فان إيران تدعم حماس بمائة مليون دولار في السنة اقل من خمس الميزانية المعلنة للمنظمة، والتي بلغت 540 مليون دولار في العام 2010.
وتُنقل الأموال الإيرانية في معظمها مباشرة إلى المكتب السياسي لحماس في دمشق، ووجهتها الرئيسة شراء ونقل السلاح إلى غزة.ويبدو أن الدخل السنوي الحقيقي لحماس من الضرائب والرسوم يصل إلى نحو ربع مليار دولار في السنة، فقد فرضت المنظمة سلسة من الضرائب والرسوم الجديدة المتنوعة، مثل ضريبة "البلو" بقيمة 3 شيكل على كل علبة سجائر، والتي تنتج وحدها نحو 65 مليون دولار في السنة، ورسوم ترخيص السيارة بمبلغ 1.400 شيكل، مما يدخل إلى صندوق حكومة حماس نحو 25 مليون دولار أخرى في السنة.
وللتأكد من دفع الرسوم أمرت حماس مؤخرا بتغيير لوحات ترخيص السيارات في غزة، بحيث يمكن للشرطة أن تلاحظ بسهولة من يحاول التملص من دفع الرسوم، بدل الترخيص للعمل التجاري، والذي تجبيه حماس من سلسلة طويلة من الأعمال التجارية، بدءا من البسطات في الشوارع وحتى شركات الصرافة، يغني صندوقها هو أيضا. إلى جانب كل هذا تستغل حماس سيطرتها على الكثير من المقدرات في القطاع، مثلا، تؤجر معدات هندسية حكومية لجهات خاصة مقابل أجر يومي، وهكذا، وبطرق عديدة أخرى، تتمتع المنظمة بطرق غير مباشرة من أموال إعادة البناء الدولية التي تغرق القطاع.ومؤخرا بدأت حماس تشتري أعمالا تجارية من كل الأنواع، وتقيم أعمالا جديدة، كالبنك الإسلامي، شركة التأمين الملتزم، مشاريع إسكان، فنادق، مجمع تجاري، مواقع استجمام، مزارع وبرك لتربية الأسماك.
وسرعان ما ستصبح الإمبراطورية الاقتصادية الصغيرة لحماس اللاعب الرئيس في القطاع الخاص في القطاع، خاصة وأنه وفي حالات عديدة تغلق حماس بالقوة أعمالا تجارية خاصة منافسة، بل أنها تجبر أصحاب أعمال تجارية على أن يبيعوها أغراضا بسعر زهيد أو "التبرع" لها سواء نقدا أم بالبضائع.
وفي أحيان قريبة تسجل أعمال تجارية جديدة لحماس بأسماء وهمية أو بأسماء أعضاء المنظمة، كما تسيطر حماس أيضا على كل أراضي مستوطنات "غوش قطيف" وعلى أجزاء من قاطع الشاطئ.ومن أجل كبح جماح التمويل غير القانوني هذا، وصفت الولايات المتحدة وإسرائيل "البنك الوطني الإسلامي" لحماس وبنك البريد في غزة "ككيانين إرهابيين"، ولكن لا يوجد أي مؤشر على أن هذه الخطوة أثرت على نشاطهما، ويواصل هذان البنكان إدارة الأعمال بالشيكل، الذي يحصلون عليه بشكل غير مباشر من البنوك القانونية الموجودة في القطاع، كما وجدا السبل للعمل مع أولئك الصرافين الذين يخدمون الأشخاص الذين يتلقون رواتبهم بالدولار ومع موردي وكالة الغوث الذين يحصلون على الدفعات بالدولار نقدا.
وبينما تغلق بنوك أخرى في القطاع فإن البنك الوطني الإسلامي يزيد نصيبه في السوق في غزة ويتمتع اليوم بسيولة كبيرة تكفي لأن يعرض على زبائنه قروض سكن.
نجاح مدير عام البنك د. "علاء الدين الرفاتي" أدى إلى تعيينه في الشهر الماضي كوزير للاقتصاد في حكومة هنية، وهو ما يجسد نجاح حماس في التغلب على جملة العوائق التي استخدمتها ضدها إسرائيل، ومصر، والسلطة الفلسطينية والدول الغربية.
وإلى جانب نفقاتها المباشرة، تنجح حماس في ترشيح تدفق المقدرات التي تنقل من السلطة ومن منظمات المساعدة، والضمان بأن يصل بعضها إلى جيوب مؤيديها، أولئك الذين حلوا محل الموالين لفتح في الوظائف الحكومية.وتضم القوائم التي لدى المانحين على أنواعهم، والتي تستهدف ترشيح نشطاء الإرهاب، تضم نشطاء حماس قليلين جدا، وبالتالي لا تمنع على الإطلاق تمويل الإرهاب، وحتى لو عولجت هذه المشكلة، فستبقى قائمة متلقي الرواتب من السلطة الفلسطينية نفسها وكذا في منظمة وكالة الغوث.وبحسب تقرير صندوق النقد الأخير، فإن السلطة الفلسطينية نفسها لم تعد تثق بأي وثيقة وكالة قانونية تصل من غزة، وعمليا يوجد جهاز القضاء في غزة تحت السيطرة الكاملة من حماس.وبالإجمال يتمتع بالمنح الخارجية آلاف أعضاء حماس، بينهم رجال قوات مسلحة يحتفظون بوظائف مدنية مزيفة لغرض التغطية.ولم تعد حماس بحاجة إلى تهريب حقائب الأموال النقدية في الأنفاق، فقد طورت لنفسها مصادر دخل محلية تنمو باستمرار، ولا سيما في ظل استغلال المبالغ الهائلة التي تنقلها السلطة ومحافل المساعدة الدولية إلى القطاع بنية مساعدة سكانه.
ويخلص التقرير إلى أنه لا توجد أي آلية ناجعة تمنع حركة حماس من التمتع بهذا الصندوق الوفير، حيث أن العالم يعطي وحماس تأخذ. إلى أن تتقرر بجدية عرقلتها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق