سقوط كنوز "إسرائيل" الإستراتيجية!!
[ 25/03/2011 - 04:51 ص ]
أ. د. سليمان صالح
كنز "إسرائيل" الاستراتيجي وصف أطلقه ليبرمان على حسني مبارك، وهو يصور العلاقة القوية التي ربطت مبارك ب"إسرائيل" حتى تحول إلى وسيلة لحماية أمنها.
ويرتبط هذا الوصف بما قاله أحد أهم أركان نظام مبارك وهو مصطفى الفقي من أنه لا يمكن وصول أحد إلى رئاسة الجمهورية في مصر إلا إذا وافقت عليه "إسرائيل" وأمريكا.
لكن الحقيقة أن مبارك لم يكن وحده الكنز الاستراتيجي ل"إسرائيل"، وإن كان أهم الكنوز وأكثرها فائدة وفاعلية، فكل المستبدين العرب كانوا كنوزاً إستراتيجية ل"إسرائيل" والاختلاف فقط كان في الأهمية والقيمة.
لذلك فإن إسقاط الشعب المصري لحسني مبارك ونظامه يشكل أخطر ضربة تعرضت لها "إسرائيل" في تاريخها.
وسيكون لذلك السقوط الكثير من الآثار على مستقبل "إسرائيل" في المنطقة. وربما يكون من أهم تلك الآثار سقوط الربط بين رضاء "إسرائيل" وحماية الحكام العرب واستمرار ملكهم، فرغم حب "إسرائيل" لمبارك باعتباره كنزها الاستراتيجي، وحرص أمريكا على بقائه أو توريث الحكم لابنه إلا أن شعب مصر نجح في إسقاطه.
وربما تكون تلك العلاقة الخاصة جداً بين "إسرائيل" ومبارك من أهم العوامل التي أدت إلى زيادة سخط الشعب المصري عليه، وأن يكون الهتاف المتفق عليه بين الثوار هو إسقاطه.
كما كان من بين أهم الهتافات التي ترددت: كلموه بالعبري لأنه لا يفهم عربي، وتل أبيب في انتظارك.
وهذا يعني أنه لا يمكن أن يبني رئيس في الوطن العربي مستقبله على أساس الارتباط ب"إسرائيل"، فهذا الارتباط سيكون أهم عوامل السقوط، والرئيس الذي يرضي "إسرائيل" يغضب شعبه وسوف يسقط لأن الشعوب عرفت الطريق إلى ميادين التحرير، وعرفت كيف تعبر عن إرادتها وهي تريد حكاماً يعبرون عن استقلال دولهم وإرادة شعوبهم ويرفضون التبعية والخضوع لأمريكا و"إسرائيل".
تلك هي أهم الحقائق التي يجب أن يدركها الحكام العرب فاستمرارهم في السلطة يرتبط بإرادة شعوبهم وليس بإرادة أمريكا و"إسرائيل".
يضاف إلى ذلك أن "إسرائيل" لم تستطع أن تحمي كنوزها الإستراتيجية وأهمهم حسني مبارك، وأنه رغم قوة شبكات التجسس والعملاء والمنتشرين في أجهزة السلطة لم تستطع أن تتوقع ثورات الشعوب العربية وأهمها ثورة الشعب المصري، ولم تستطع أن تفعل شيئاً لحماية حسني مبارك رغم أن أهميته لا تتوقف عن حد الفوائد المادية التي حصلت عليها، وأهمها مئات المليارات من الدولارات نتيجة بيع الغاز.
فأهمية حسني مبارك ل"إسرائيل" تتجاوز بكثير المكاسب المادية فهو الذي وفر ل"إسرائيل" إمكانات العلو والاستكبار في المنطقة وقهر الشعوب العربية وإحكام الحصار على غزة الصابرة، ومنع الشعوب العربية من مساعدة الشعب الفلسطيني على صد العدوان على غزة.
وربما يكون أهم المكاسب التي حصلت عليها "إسرائيل" أن حسني مبارك قد أجبر وسائل الإعلام المصرية على تجاهل القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين مما أدى إلى تراجع أهمية القضية الفلسطينية رغم كل ذلك فإن حسني مبارك ليس الكنز الاستراتيجي الوحيد، فهناك بن علي الذي فتح تونس الجميلة لتصبح منتجعاً لليهود، وحارب الإسلام بقسوة بهدف تغييب الهوية العربية الإسلامية لتونس.
وهناك أيضاً القذافي الذي خلق الكثير من المشاكل التي تهدف إلى صرف انتباه العرب عن القضية الفلسطينية، ودمر ثروات الشعب الليبي لتظل ليبيا التي تمتلك الكثير من الاحتياجات النفطية دولة متخلفة وفقيرة، ولا تساهم في النهضة العربية.
كما أنفق القذافي ثروات ليبيا على أنظمة الحكم المستبدة في إفريقيا، والتي ترتبط بعلاقات قوية مع أمريكا و"إسرائيل".
كما أنه أنفق الكثير من ثروات ليبيا على الحصول على أسلحة نووية، ثم قام بتسليمها لأمريكا، والقذافي هو الذي شوه صورة العرب في العالم، وجعل كل الشعوب يسخرون من العرب الذين يرتضون حكاماً من نوعية القذافي.
ولذلك فإن "إسرائيل" تحارب الآن معركتها الأخيرة بمساندة القذافي عن طريق شحن المرتزقة من إفريقيا لإبادة شعب ليبيا.
لكن المؤكد أن كنوز "إسرائيل" الإستراتيجية تتساقط، وأن الشعوب العربية تستمر في ثوراتها لتختار حكامها بإرادتها وليس برضاء "إسرائيل" وأمريكا، والحكام الذين تختارهم شعوبهم لابد أن يكافحوا لتحقيق الاستقلال الشامل وأن يرضوا شعوبهم بقيادة كفاحها ضد الاستكبار والعدوان والاحتلال الإسرائيلي والأمريكي.
صحيفة الشرق القطري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق