أضاء الشمعة ولم يلعن الظلام
أحمد ياسين.. وطنٌ بين جنبيه شهيد (تقرير)
[ 22/03/2011 - 01:40 م ]
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
كان خير نموذج للقائد الذي صنع من الحلم حقيقة، وهو القوي رغم ضعفه، السليم رغم مرضه، المتّقد نشاطاً رغم شلله، الجريء بإيمانه، المستنير بطاعته.. يجلس على كرسيه المتحرّك كقبطان يقود سفينة الوطن، ويرسم معالم الطريق على شاطئ التحرير.. كيف لا وهو الفلسطيني اللاجئ المصاب الأسير المقاوم الشهيد؟!.
اليوم وفي الذكرى السابعة لاستشهاده يقول الدكتور حسن أبو حشيش رئيس المكتب الإعلامي الحكومي عن الشيخ الشهيد أحمد ياسين "الشيخ ترك أثرا بليغا لدى الشعب الفلسطيني لما كان له من بصمات واضحة في تاريخ القضية الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالتصدي والتحدي والصمود".
وأضاف د. أبو حشيش لمراسلنا أن "الشيخ ياسين كان معطاءً وقدوة وجدت مكانها في العقول والقلوب حبا وتقديرا وإيمانا وسلوكا ونهجا، بل وجدت الاحترام الخفي لدى الخصوم والأعداء"، مشيرا إلى إخلاص الشيخ ياسين وأنه جعل من نفسه صخرة لتحطيم المؤامرات، وأنه كان صمام أمان لحقن الدماء الأخوية والأسرية الواحدة.
وبيّن أبو حشيش أن أبواب الشيخ الشهيد كانت مفتوحة ليلا ونهارا من أجل استقبال كل من له همّ أو مصلحة، وأنه كان مشغولا، وفراغه قليل رغم مرضه وشلله، منوها إلى أن الشيخ كثيرا ما كان يستقبل الناس والصحفيين بلا مواعيد، وكان حليما وصبورا ويتصف بلينٍ منقطع النظير في حديثه حول الوضع الداخلي واللحمة الوطنية وحقن الدم الفلسطيني، وعلى النقيض نجد صلابة وقوة وتمسكا حين الحديث عن جرائم الاحتلال وشرعية المقاومة والحق الفلسطيني.
التواضع والبسمة رغم المرض
أما عماد الافرنجي مدير فضائية القدس في فلسطين فيقول عن الشيخ ياسين: "لقد زادت معرفتي بالشيخ احمد ياسين بحكم مهنتي (الصحافة)، فقد كان الأفضل دون منازع في استقبال الصحفيين والحديث إليهم، لم يتكبر علينا يوما أو يعطينا موعدا لم يلتزم به، يلقانا مبتسما وهو يعاني من الأمراض".
ويضيف "قابلته يوما خلال مرضه وسألته كيف حالك يا شيخ؟ ابتسم وقال: "ولا يهمك إحنا لسه شباب .. وتبعها سلسلة من السعال!!"، مشيرا إلى أن الشيخ ياسين رجل خسره شعبنا الفلسطيني بأسره وليس فقط حركة حماس، "فهو الملتقى ورجل الحكمة عندما تدلهم الخطوب وتزيد حلكة الليل وتطل الفتنة برأسها ويدب اليأس في نفوس البعض".
ويردف الافرنجي قائلا "كنت دائما أسأله إلى متى ستبقون تقاومون يا شيخ؟ فيرد الشيخ بابتسامة ويقول: حتى يرحل الاحتلال، قد تهدأ الأمور حينا لكننا لن نتوقف عن المقاومة، نحن على يقين بنصر الله، حتى لو مات الشيخ ياسين وكل قادة حماس هل تتوقف المقاومة ..لا". كما قال.
ويلمح مدير فضائية القدس إلى أن الشيخ الشهيد كان"اختزالا لقضيتنا الفلسطينية في شخصيته فهو اللاجئ، والمعاق بإصابته، هو الأسير، وهو المجاهد المناضل، هو المربي والقائد، وأخيرا هو الشيخ الشهيد".
صدر مفتوح وذهن متّقد
أما غازي حمد؛ رئيس هيئة المعابر والحدود فيقول عن الشيخ أحمد ياسين: "الحديث عن رجل مثل الشيخ أحمد ياسين قد يكون علينا صعبا، فقد كان رجلا من النوع الاستثنائي، يستقبلك ببسمة ويودعك ببسمة، ويصغي إليك بصدر مفتوح، وذهن متوقد".
ويضيف: "كثيرا ما جلسنا مع الشيخ جلسات مطولة امتدت في كثير من الأحيان للحديث في مواضيع شتى، ولست أبالغ أني كنت أشعر بارتياح قلبي عندما أتحدث إليه، فهو يشعرك بحسن وكرم ضيافته، وتشعر أنه يقطع من وقته الثمين رغم ما يظهر عليه من انشغال كبير، وعوارض مرض لا تفارقه، ويمنحك الوقت الذي تحب كي تخرج من عنده بجعبة من الأجوبة".
ويردف حمد: "كان الشيخ يحب أن يكون واضحا، فهو ليس من النوع الذي يحسن تلاعب الألفاظ أو الالتفاف وراء المعاني، بل غالبا ما تكون إجاباته واضحة وصريحة ومحددة، ولا تحتاج إلى تأويل أو شروحات، قد يعتبره البعض نوعا من العيب، لكن ربما فطرة الشيخ السليمة قد أكسبته هذا الوضوح والحزم".
ويؤكد د. حمد أن الشيخ كان في القضايا المتعلقة بالاحتلال والمقاومة من النوع القوي الذي لم يفكر أبدا بزحزحة آرائه، فدائما كان يكرر ويؤكد على أن الحرب ضد الاحتلال ستستمر بكل قوة، ومهما كان الثمن كبيرا، ومهما كانت التضحيات جسيمة".
كلمات حفرها التاريخ
لقد ترك الشيخ احمد ياسين كلمات تاريخية في حياة الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تنساها ذاكرة الأبناء والأحفاد، فكان يقول رحمه الله: لا تلعنوا الظلام ألف مرة وليوقد كل منا شمعة تنير طريق الآخرين، واستشهد وهو يقول: أملي أن يرضى الله عني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق