الاثنين، 18 يوليو 2011


سيناريوهات صهيونية
 في التعامل مع حركة حماس داخل قطاع غزة
 [ 16/07/2011 - 07:05 م ]
أليكس فيشمان
استعراض لبحث نشره معهد "بروكنغز" بالتعاون مع مدير البحث في مركز "سبان" ومحاضر في برنامج الدراسات الامنية في جامعة جورج تاون، البروفيسور دانيال بايمان، والباحث الضيف في مركز "سبان" لأبحاث الشرق الأوسط في واشنطن، السيد ج، قائد المنطقة الجنوبية في "الشاباك" لأربع سنوات، ويستنتج الباحثان بأنه لا جدوى من أي اتفاق بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" بلا تسوية (تُحرز بطرق عنيفة أو بطرق سياسية) مع حماس في قطاع غزة، ويعتبران أن كل محاولة لتأخير النهاية أو تجاهل الحاجة إلى حل مع حماس تُعرّض مصالح "إسرائيل" وأمريكا للخطر.

النماذج الثمانية
  يعرض المحللان 8 نماذج وخيارات ممكنة لتسوية بين "إسرائيل" وحماس، ولكنهما يعتبران أنه لا يوجد بينها ما هو مثالي، مع إمكانية التأليف بين عدة نماذج أو خيارات أيضا:
1.      نموذج الهدنة:
 تبدأ "إسرائيل" بضمان ومساعدة أمريكيين محادثات رسمية مع حماس للتوصل إلى هدنة دائمة، بحيث تمنح هذه الهدنة حماس الشرعية وتزيل عنها الضغط "الإسرائيلي" وتهب لها فرصة أن تُبين للعالم أن عندها قدرة على الحكم. ومن جهة "إسرائيل" ستُمكّن الهدنة الدائمة من وجود حياة سليمة على طول الحدود وتزيل الانتقاد الدولي عن سلوكها إزاء القطاع. وهنا يرى الباحثان أن أخطار هذا النموذج لا يستهان بها. فحماس قد تستغل الهدنة لتعزيز قدراتها العسكرية. وسيصعب على "إسرائيل" في المقابل أن تعرض فرقاً كبيراً بين ما يحدث في غزة وبين إنجازات السلطة في الضفة الغربية، وستُشوش الهدنة ايضاً على صوغ تصور دولتين للشعبين لأنها ستؤكد هوية غزة الذاتية وتفضي إلى فصلها عن الضفة.
يضيفان أن قادة حماس يرون أن اتفاقا ما مع "إسرائيل" هو مصالحة تعرضهم في موقف ضعف إزاء خصومهم – في جبهة الرفض وداخل المنظمة. فهي في الحقيقة ستعزز جانب المعتدلين لكنها ستضر بشيفرة حماس الجينية وتضائل الاستثمارات الإيرانية في المنظمة.لا يرتب الباحثان في الحقيقة الخيارات في سلم أفضليات، لكن جعل التفاوض المباشر مع حماس هو الاول في القائمة ليس صدفة كما يبدو. كذلك التعليلات المضادة للهدنة في الجانبين هي في الأساس تعليلات زائفة بحيث يمكن أن نفترض أن هذا هو الحل المراد في نظر ج. وبايمان.
2. احتلال القطاع من جديد:
الحديث في واقع الأمر عن عكس النموذج الأول: عن استيلاء على جزء من القطاع أو كله، يُمكّن الجيش الصهيوني من وقف القذائف الصاروخية قبل أن تطلق، ومن وقف وقتل نشطاء عسكريين وهدم البنية التحتية العسكرية لحماس والمنظمات الاخرى. وهنا يرى الباحثان سلفاً أن احتلالاً من جديد سيُكلّف "إسرائيل" ثمناً باهظاً، ولا سيما من القتلى والجرحى، وستطول الحرب كثيراً وستستعمل حماس رجالها في الضفة ايضا مع محاولة إسقاط أبو مازن. في وضع كهذا لن يكون للسلطة أي امكانية لاجراء تفاوض وسيحل بإسرائيل ضرر سياسي في صعيد علاقاتها مع الولايات المتحدة والجماعة الدولية.
3. ضربة عسكرية محدودة:
يرمي هذا البديل إلى تدمير قدرة حماس الصاروخية واصابة القادة والنشطاء العسكريين، لكنه في زعم الباحثين لن يُسهم بشيء لان حماس قادرة على تحسين قدراتها تحت الهجمات الإسرائيلية ايضا. والى ذلك سيوجب الهجوم على حماس أن ترد باطلاق النار من اجل البقاء السياسي. وستتهم إسرائيل في المقابل باصابة مدنيين وتتضرر من جهة صورتها وضرراً سياسياً.
4. عزل القطاع:
 هذا في الحقيقة هو الوضع الراهن تقريباً، مع نموذج ضربات عسكرية محدودة، فالحصار الجزئي الذي تفرضه إسرائيل على القطاع في الجو والبحر والقيود على المعابر البرية تخفض قدرة حماس العسكرية ولا تُمكّن الاقتصاد في غزة من النمو وتضر بشعبية حماس في الشارع الغزي. ومن جهة ثانية، كما يرى الباحثان، توجد للحصار جوانب سلبية من جهة "إسرائيل": فهو يعزز مكانة حماس إزاء خصومها في المجتمع الفلسطيني، ويزيد من تعلق المنظمة بطهران، ويتهمون نتنياهو في القطاع لا اسماعيل هنية بوضعهم الاقتصادي البائس. والى ذلك يزيد الحصار النقد الدولي على إسرائيل في الشأن الانساني.
 يقول الباحثان إن الاصرار على سياسة العزل يصبح أكثر تعقيدا بالنسبة لإسرائيل في ضوء تغير النظام في مصر. فلم يعد الضغط الذي استعمله نظام مبارك على غزة مقبولا اليوم في الشارع المصري. والى ذلك ستقوى الصلة بين حماس والاخوان المسلمين وتضر بالحصار.
5. ثلاث دول لشعبين:
 من هنا فصاعدا يعرض الباحثان اربعة "نماذج خارج الصندوق". أي أنها أفكار غير تقليدية في التفكير المأخوذ به اليوم في مراكز اتخاذ القرارات في واشنطن والقدس وبروكسل وموسكو ورام الله. فهناك على سبيل المثال ثلاث دول لشعبين. تجري إسرائيل تفاوضا مع حماس ومع أبو مازن في انشاء فعلي لدولتين فلسطينيتين في حين أن مزايا هذا الحل ونقائصه تشبه ما لهدنة طويلة.غير أن هذا الحل غير ممكن تقريبا في الظروف الحالية: فحماس وأبو مازن لن يبدآ تفاوضا خشية أن يتم اتهامهما باهمال فكرة فلسطين الموحدة. والتجربة الاخيرة لتوحيد الصفوف تكاد تقضي تماما على احتمال تنفيذ هذا النموذج.
6. الاستبدال بحماس.
 تستطيع إسرائيل بمساعدة أمريكية أن تبذل جهدا وأن تفضي إلى إنهاء حكم حماس باجراء عسكري، لكنه لن يكون لقيادة فلسطينية تتولى الحكم "فوق حراب" إسرائيلية شرعية على الارض وسيعيد اجراء ديمقراطي بالانتخابات حماس إلى السلطة. حتى ذلك الحين سيكون هذا النظام عسكرياً مستبداً مخالفاً للإجراءات التي تحدث في المحيط، وليس له أي احتمال أن يبقى. ستكون تلك دعوة إلى الاضطراب وستزداد العمليات المضادة لإسرائيل حدة.
7. مسؤولية دولية:
 الفكرة هي أن تتولى الامم المتحدة أو حلف شمال الاطلسي مسؤولية ادارية عن غزة، لكن الباحثين يقولان فورا إن حماس وجماعات اخرى ستعارض قوة من هذا القبيل، وتعمل في مواجهتها بنفس الوسائل التي عملت بها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وستهاجم في المقابل إسرائيل لا من اجل أن تبرهن على الجهد الوطني المعادي للمحتل بل كي تورط إسرائيل مع الجهات الدولية.
 ستكون قوة من الامم المتحدة مريبة في نظر إسرائيل إلا اذا شُكلت في الأساس من جنود أمريكيين وكانت تحت قيادة أمريكية وستكون أقل فاعلية ايضا من قوة حلف شمال الاطلسي. لكن في فترة يريد فيها الاوروبيون مضاءلة تدخلهم في مراكز صراع مثل العراق وافغانستان وليبيا، وفي الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي في القارة الاوروبية، ليس من المحتمل أن يكون لأحد هناك اهتمام بهذه الفكرة. وواشنطن من جهتها ستخشى أن تعرض للخطر جنودا في مكان مشحون سياسيا كهذا ولا سيما بعد أن تم اتخاذ قرار واضح، في الولايات المتحدة واوروبا ايضا، على عدم التدخل في صراعات الحركات الشعبية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا (إلا اذا كان الحديث عن ظروف خاصة كما في ليبيا).
8. الرزمة الاقتصادية:
 تغرق الجماعة الدولية غزة بمساعدة اقتصادية تجبر حماس على أن تدرك ماذا ستخسر إذا استمرت في العمل المضاد لإسرائيل. لكنه يصعب اليوم تجنيد كمية موارد كبيرة لغزة. يحجم القطاع الخاص عن الاستثمار هناك، والدول العربية لا تفي أصلا بالتزاماتها المالية للقطاع، والازمة الاقتصادية العالمية لا تساعد ايضا. والى ذلك أثبتت العلاقة بين النمو الاقتصادي والسياسة المعتدلة نفسها.
يديعوت أحرنوت، 15/7/2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق