هل
أجهزت عملية (777) على رؤساء أجهزة الاستخبارات العربية؟
24/07/2012
04:25 م
ممدوح
المنير
تساؤل
سوف يظل مطروحا لفترة طويلة دون أن يجد إجابة شافية عنه، هل موت عمر سليمان رئيس المخابرات
المصرية السابق فى الولايات المتحدة الأمريكية كان طبيعيا؟ وهل تزامن اغتيال رئيس المخابرات
السورية هشام بختيار فى عملية تفجير مبنى الأمن القومى السورى بدمشق، واغتيال بن عوزيز
شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية فى جهاز الشاباك الاستخباراتى الإسرائيلى فى العاصمة
النمساوية فيينا كان محض صدفة؟!، ثم إعفاء الملك السعودى للأمير مقرن بن عبد العزيز
رئيس الاستخبارات العامة السعودية من منصبه.
على
ما يبدو أننا أصبحنا فى عصر الأسئلة الكبيرة التى دائما إجابتها مفتوحة تبحث عمن يتصدى
لها ويجلى حقيقتها، أهم قيادات أجهزة الاستخبارات فى المنطقة تم تغييبهم عن المشهد
العام فى أقل من 48 ساعة، إما بالموت أو الاغتيال أو الإقالة، من القاهرة إلى دمشق،
ومن الرياض إلى تل أبيب؟
لا يستطيع
أحد أن يقول إنه يملك الجواب النهائى لهذا التساؤل؛ لسببين: الأول أننا أمام شأن خاص
بأجهزة الاستخبارات التى بطبيعتها تتسم بالغموض وشحّ المعلومات وندرتها، مما يصعب عملية
البحث والتقصى للتعرف على إجابة شافية للتساؤل، والأمر الثانى أن طبيعة الأنظمة الحاكمة
فى المنطقة لا تسمح بتداول طبيعى للمعلومات العادية، فما بالك بعمليات مخابراتية كالموقف
الذى نحن بصدده، لذلك كل ما يمكننا الخوض فيه هو محاولة استقراء الواقع واستنتاج إجابات
عمومية هى أقرب إلى الظنيّات منها إلى اليقينيات.
لذلك
نحن أمام سيناريوهين لا ثالث لهما لتفسير ما حدث:
السيناريوا
الأول.. التصفية الفردية
ويقصد
به التخلص من عمر سليمان، فنحن أمام رجل كان يعد رجل المخابرات الأول بالمنطقة من حيث
اتصالاته المتشعبة والمتشابكة مع كافة أجهزة الاستخبارات فى المنطقة وفى الولايات المتحدة،
رحل الرجل من مستشفى بالولايات المتحدة الأمريكية، قبل التحقيق معه فى وقائع تتعلق
بالذمة المالية، فى بلاغات تتهم ابنتيه بالحصول على فيلات من وزير الإسكان الأسبق،
المحبوس حاليا إبراهيم سليمان.
ولا
ننسى أن الرجل عرف عنه أنه مهندس التعذيب الأول بالمنطقة؛ حيث إنه المتهم الأول فى
وقائع تعذيب المعتقلين المصريين والأجانب سواء لصالح جهاز الأمن المصرى، أو لصالح المخابرات
المركزية الأمريكية فيما عرف دوليا بـ"فضيحة التعذيب" خاصة للمعتقلين الإسلاميين.
كما
أن الرجل كان يعد عرّاب العلاقات الحميمية بين نظام مبارك وإسرائيل، فإذا كان الإسرائيليون
قد قالوا إن مبارك كنز إستراتيجى لإسرائيل فإنه بكل تأكيد كان مفتاح هذا الكنز، فنحن
أمام رجل يعتبر مخزنا كبيرا للمعلومات الغاية فى السرية، وغالبها يمثل إدانة كبيرة
للعديد من الأنظمة والحكومات على أساس أنه كان أستاذ العمليات (القذرة) كما يسميها
البعض؛ مثل التعذيب بالوكالة، الذى كان يستخدم لانتزاع اعترافات للأمريكيين.
ونذكّر
هنا بما قال الصحفى الأمريكى الاستقصائى الشهير رون سوسكيند والذى كشف قضية السجون
السرية للمخابرات الأمريكية؛ حيث قال: "عندما طلبت المخابرات الأمريكية من مصر
توفير عينة من الحمض النووى لأيمن الظواهرى من خلال شقيقه محمد المحبوس فى مصر فعرض
عليهم عمر سليمان إرسال ذراعه بالكامل"، فهل تخاطر الولايات المتحدة بترك رجل
مثل عمر سليمان -الذى يعتبرونه الأرشيف السرى للاستخبارات الأمريكية- يقع فى قبضة النظام
المصرى الجديد بقيادة الإخوان المسلمين، مما يعرضهم للخطر؟
فالسياسة
الأمريكية تعتمد على التخلص من رجالها أو المتعاونين معها إذا شعرت أنه قد تم حرقهم
أو أصبحوا عديمى الجدوى بالنسبة لها، فعلت ذلك مع صدام حسين وأعدمته بعد أن كان حليفها،
وكذلك مع ياسر عرفات واغتالته بالسم، ومع بن على التى رفضت استقباله عندما هرب، وفعلته
مع كثيرين آخرين.
السيناريو الثانى.. الاغتيال الجماعى
هو أنه
بالفعل تم اغتيال هؤلاء جميعا فى تفجير مبنى مجلس الأمن القومى السورى، وإن لم يتأكد
منها شىء حتى الآن، فليس من الطبيعى أن يغتال رئيس قسم المعلومات الخارجية فى الشاباك
الصهيونى بن عويز شامير فى النمسا دون أن تقيم إسرائيل الدنيا ولا تقعدها كعادتها،
بل إنها لم تذكر أى تفاصيل أو توجه اتهاما لأحد.
وهل
من المنطقى أن يعلن عن وفاة الثلاثة فى يوم واحد؛ أحدهم فى دمشق، والثانى فى فيينا،
والثالث فى واشنطن؟! كما أن شهود عيان من مستشفى كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية
زعموا بأن جثة عمر سليمان وصلت إلى المستشفى متفحمة، وفيصل القاسم الإعلامى السورى
الشهير أكد أن مصادر فى الجيش السورى الحر أخبرته أنه تم اغتيال عمر سليمان وبن عويز
شامير فى تفجير مبنى الأمن القومى، وهو المبنى الذى كان مخططا له أن يتم تفجيره يوم
الخميس 19/7، إلى أنه تم تقديم الموعد يوما عندما لاحظ منفذ الانفجار أن عمر سليمان
وشامير فى الاجتماع.
وهنا
قد يسأل سائل: وما الذى قد يجمع بين المخابرات السعودية والسورية رغم العداوة الكبيرة
بينهما، حيث تعمل السعودية على الإطاحة بنظام الأسد؟، والجواب أن عالم المخابرات لا
يوجد فيه حدود فى العلاقات أو محرمات فى التناول أو التفاهم أو التعاون بين الأطراف
مهما كان حجم العداوة بينهم، وللتأكيد على ذلك يجب أن نذّكر بأن رئيس الاستخبارات الإيرانية
كان قد قام بزيارة للسعودية منذ بضعة أشهر وتحديدا فى 14 ديسمبر 2011م، وكانت الزيارة
كما أعلن وقتها فى جميع الصحف لبحث الأزمة السورية، ويجب ألا ننسى هنا العداء الشديد
بين النظام السعودى وقرينه الإيرانى.
فهل
كان اجتماع دمشق لمعالجة مشاكل من عينة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التى لدى نظام
بشّار وقد يهدد بها جيرانه خاصة إسرائيل، وقد تكون السعودية فى مرماه؟ أم أنها ترتيبات
ما بعد الرحيل؟ وهل سيتم تقسيم سوريا بين إيران والأكراد وإسرائيل والسنة، أم بين الجماعات
الإسلامية، خاصة القاعدة التى أصبح لها وجود فى سوريا وكيفية التعامل معها؟هناك عشرات
الملفات الشائكة التى قد تجمع بين السعوديين والإسرائيليين والمصريين والسوريين فى
خضم الأزمة السورية.
ومما
يقوى كذلك هذا السيناريو ما تحدث به خبير أمنى سورى من أن الإعلام السورى هو أول من
بث الخبر، وهذه سابقة لم تحصل، أن يبث الإعلام السورى خبرا قبل الغير عن اغتيال مسئولين
بارزين، وأنه من المستحيل أن يفجر شخص مرافق نفسه داخل مكتب الأمن القومى، لأن أقل
رتبة مرافق للشخصيات المذكورة هى رتبة "عميد" كما صرح بذلك خبير أمنى سورى،
كما أن الموجودين فى المنطقة لم يسمعوا صوت تفجير، وبناء مكتب الأمن القومى لم يظهر
عليه أى آثار تفجير.
ومن
يتبنى هذا الطرح يتحدث عن عملية مخابراتية أطلق عليها "الثلاث سبعات"
(777) نسبة إلى ذكرى قيام بشار الأسد بأداء القسم فى مجلس الشعب فى 17-7-2007، وهو
اليوم الذى يحتوى على ثلاث سبعات.
والعملية
المخابراتية وضعتها جهات فى الداخل والخارج، وتفاصيلها أن تبدأ أمنيا يوم الأحد
15-7-2012، وتتنهى عسكريا يوم الأربعاء 17-7-2012 بالإعلان عن السيطرة على دمشق أو
على الأقل على مراكز ومواقع إستراتيجية فى دمشق.
لهذا
يقال إن ما حصل لم يكن فوضويا وإنما عمل احترافى أسسه وأطلق شراره شخص يمتلك مفاتيح
العاصمة دمشق، وشخص يعرف جيدا أين ومتى تجتمع خلية الأزمة، وقدم جميع أوراقه للجهات
التى تطمح للتنفيذ، ويعرف جيدا كيف يحقق ضربات كبيرة من خلال بعض المفاتيح والثغرات
العسكرية، وكيفية النفاذ بين قوات الحرس الجمهورى.
وقد
نجد أنفسنا أمام نقطة تلاقٍ بين السيناريوهين الأول والثانى، من أن الولايات المتحدة
قد استخدمت وسهلت لبعض المنشقين فرصة تنفيذ العملية للقضاء على بشار دون سقوط نظامه
حتى لا تحدث فوضى فى المنطقة، قد لا تعرف لا هى ولا إسرائيل السيطرة عليها، فكان تنفيذ
هذه العملية للتخلص من أركان النظام واستبدالهم بشخصيات أكثر قبولا حتى تنتهى الثورة
دون خسائر إستراتيجية تذكر لأمريكا وإسرائيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق