كيف يستعيد الكيان الصهيوني قوته المفقودة؟
[ 18/06/2011 - 03:26 م ]
افرايم هاليفي
ثمة ثلاثة خطوط سياسة تُميز إستراتيجية إسرائيل في المنطقة منذ خرجت الجماهير العربية من أجل التغيير حولنا. الأول – الدفاع، والثاني - التقهقر إلى الوراء، والثالث – الانتظار. نحن نصد الهجوم على حدودنا بقوة السلاح وحده، ونستعد لهجمات أخرى، ونركز جهدا دبلوماسيا لصد إجراء السلطة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول. ونحن نحاول أن نقهقر إلى الوراء الاتفاق بين "فتح" و"حماس"، ونطلب من أبو مازن أن يمزق وثيقة التفاهمات إرباً إرباً شرطاً لاستئناف التفاوض مع إسرائيل. ونحن نحشد وسائل قتالية أكثر نجاعة وجدة، ونُعد القوات لمجابهة مختلف التهديدات المعروفة كالتهديد الإيراني وتهديد "حماس" و"حزب الله" وفي مجابهة لأخرى لم تُعرف بعد. باختصار لمجابهة مفاجآت أكبر مما جربنا إلى اليوم.
يُجري أفاضل مندوبينا مباحثات مرهقة في واشنطن محاولين إحداث صيغة معوجة ما لاستئناف التفاوض مع الفلسطينيين حتى لو ولّدت إمكانا ما للقاءات فهذا كلّه مخصص ليُمكّن من إزالة تهديد الجمعية العامة في أيلول لا غير. وهذا في جوهره إجراء صد أيضا.
في أثناء ذلك أخذت تصعد قوتان إقليميتان – السعودية من الجنوب وتركيا من الشمال – وتصوغان نظاما إقليميا. فالسعودية تزيد في نشاطها في الخليج العربي، وتعمل في تعزيز وسائل ضغطها على مصر الجديدة التي تغرق سريعا في أزمة اقتصادية. تُمكّنها المساعدة السعودية من العمل على صد محاولات طهران لاكتساب موطئ قدم سياسي في مصر. عشية الانتخابات العامة في تركيا يُغير رئيس الحكومة اردوغان اتجاهه ويُعد لاكتساب مقام تأثير حاسم في سورية بعد الأسد.
لم يولد اتفاق "فتح" – "حماس" معتمدا على انبثاق الحب بينهما بل بالعكس. فهما أشد تشاحنا مما كانتا من قبل. الاتفاق هو ثمرة ضعف وينبع من مخاوفهما من "ربيع شعوب" فلسطيني يزعزعهما وربما يسقطهما. إنهما متعلقتان اليوم ببعضهما والبديل الذي يبدو لهما هو أن تكونا معلقتين واحدة إلى جانب الأخرى.
لم يتم إحراز النصر في الحرب، كالنصر في الدبلوماسية، بالدفاع قط. حسب المخطط السياسي الراهن يتوقع لنا هزيمة سياسية في المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة التي نراها خطأ معركة تكاد تكون مصيرية، أما بالصد الخالص على حدودنا بلا أي إجراء آخر فإنه يتوقع لنا ما يسمى صعوبات "الشرعية".
ستعلن إسرائيل أنها فحصت في الواقع المتطور وتريد أن توقف كل ما حدث في امتحان الواقع. وهي تسجل أمامها الاتفاق بين "فتح" و"حماس" وتعترف بحق الفلسطينيين بإنشاء قيادة كما يستصوبون. لهذا تدعو إسرائيل القيادة الفلسطينية الجديدة إلى تفاوض في الحال بلا أي شروط مسبقة من الطرفين بشرط أن يقبل الطرفان على أنفسهما وقفا مطلقا للنشاط العدائي كله وجميع التزامات الإدارات السابقة من طرف إسرائيل ومن طرف الفلسطينيين أيضا.
تطلب إسرائيل إلى "حماس" الاعتراف بحقها في الوجود، أما إسرائيل فلا تعترف بحق إدارة "حماس"، وكان يُسعدها أن تزول من العالم. لكن إسرائيل تطلب أن يقوم بالتفاوض ممثلو القيادة الموحدة كي يكون كل اتفاق يتم إحرازه مقبولا عند الشعب الفلسطيني كله لا الجزء منه فقط. لن تُجري إسرائيل تفاوضا مع تمثيل معوق للفلسطينيين ينشأ بحسب قاعدة "السير بلا والشعور مع"، كما يقترح أبو مازن اليوم. يجب أن يُعبر التفاوض الحقيقي عن التركيبات الحقيقية للطرفين. يجب أن "يسير مع ويشعر مع".
سيكون في هذا الإجراء بطبيعة الأمر تليين لشروط الرباعية التي تطلب أن تعترف "حماس" سلفاً بحق إسرائيل في الوجود. وتستطيع إسرائيل من جهتها أن تعلن بأنها لن توقع على اتفاق إذا لم يشمل اعترافا متبادلا بحق الطرفين في الوجود.
إذا نجح الإجراء، فستنشأ إمكانيات حاسمة على صورة زيارات لرئيس الحكومة إلى أنقرة وربما إلى الرياض. ستعود إسرائيل القوية الواثقة بنفسها إلى لعب دور إقليمي ذي شأن، وستضعف منزلة إيران التي تؤيد الأسد المهزوم أكثر. وهذا هو البدء فقط.
يديعوت أحرونوت، 17/6/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق