تقريراستراتيجي إسرائيلى: "الإخوان" الأقرب لحكم مصر وموسى الأقرب للرئاسة
11-11-2011 | 19:33
إسلام عبدالكريم
توقـّع تقرير استراتيجي إسرائيلى فوز الإخوان المسلمين بحكم مصر، واستبعد وصول الأحزاب العلمانية، والقوى المنادية بمدنيّة الدولة من الوصول للحكم، وتناول التقرير الذى أصدره معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلي"INSS" -التابع لجامعة تل أبيب- التقديرات الاستراتيجية الجديدة -من منظور إسرائيلى- فى ظل الثورات العربية والتغييرات الأخرى فى موازين القوى بالمنطقة مع تنامى النفوذ الإيرانى والتركى.
وتناولت الدراسة مصرَ باهتمام بالغ، حيث كان غلاف التقرير صورة لمشهد ميدان التحرير خلال الثورة، ويتكون هذا التقرير من عدة دراسات قام بها عدد من المختصين والخبراء فى شتى المجالات ويضم 25 صفحة، وخلال هذا الملخص قامت بتسليط الضوء على ما هو متعلق بالشأن المصري خلال هذا التقرير الإسرائيلي.
وظهر من خلال الدراسة أن أكثر التقديرات الإسرائيلية لمستقبل مصر هو وصول الإسلاميين للحكم، وبالأخص حركة الإخوان المسلمين، فمن خلال تقديراتهم يظهر أن الفرص أمام الحركات والأحزاب العلمانية ليست بالكبيرة، خاصة أنهم أعدوا سيناريو للتعامل مع ما أسموه "حكومة علمانية ضعيفة" وهو ما يشير إلى تقديراتهم نحو هذا التيار ومستقبله فى مصر، أما بالنسبة للمؤسسة العسكرية فإنهم لا يرون أية رغبة من جانبهم للتمسك بزمام السلطة فى مصر، وأن المجلس العسكري مهتم جدًا بالعودة لثكناته وتسليم السلطة فى أسرع وقت لحكومة منتخبة، أيًا كانت ، إلا أنه لا يفضل تسليمها لحكومة إسلامية.
من بين المشاركين فى هذا التقرير الباحث "شلومو باروم" والذى أعد خلاله دراسة بعنوان "إسرائيل والعالم العربي :قوة الشعوب" ، وأوضح أنه قبل بدء ثورات "الربيع العربي" التى اجتاحت المنطقة كانت تسود في إسرائيل رؤية ثنائية لمنطقة الشرق الأوسط، لكونها ساحة صراع بين محورين سياسيين واستراتيجيين: المحور الأول : محور الدول الراديكالية بقيادة إيران، ويشمل معها سوريا و"حزب الله" وحركة "حماس" ، واصفا إياها بمحور "المقاومة" ، والذي يتصف بتحدي الوضع الراهن ، سواء بالنسبة إلى موقع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، أو بالنسبة لمكانة الولايات المتحدة والغرب وتدخلهما في المنطقة وعلاقاتهما بالدول العربية، ويحاول هذا المحور مواجهة الغرب والدول العربية المتعاونة معه ، متبنيا عقيدة "المقاومة" كوسيلة لتغيير الوضع الراهن. المحور الثانى: وهو الذي يشمل الدول المسماة بـ"المعتدلة"، بقيادة مصر والسعودية ، فقد أصبح يحوم الشك حول قدرة هذا المحور على البقاء فى تلك الصورة فى أعقاب "الربيع العربي" ، فطالما سعى هذا المحور للحفاظ على إستقرار الوضع الراهن ، ومنع المحور الأول من التغلب عليه ، ويشمل محور "الدول المعتدلة" معظم دول منطقة الشرق الأوسط العربية الأخرى. وأوضح "باروم" أن السياسة الإسرائيلية قد حافطت على إتفاقيات السلام الموقعة مع بعض دول المحور المعتدل - وعلى رأسها مصر ، وقامت بتعزيزها وإقامة علاقات وتعاون استراتيجي مع دول أخرى من هذا المحور . مشيرا أنه من المفترض أن يركز هذا التعاون على إضعاف محور المقاومة وتحييد دوره ، خاصة إيران باعتبارها التهديد الأكبر الذي تواجهه إسرائيل بسبب برنامجها النووي.
وأشار الباحث إلى ما وصفه بـ"اللاعب الأصغر بكثير" الذي انتهج سياسة مماثلة لتركيا فى المنطقة ، إنها قطر ، حيث وصفها بأنها حاولت أداء دور أكبر من حجمها ، دور الوسيط بين المحورين ، هذا على اعتبار أنها لا تنتمي إلى أي منهما . ففي هذا الإطار قد استخدمت بفاعلية كبيرة قناة "الجزيرة" التابعة لها فى تدعيم معسكر المقاومة ، وفى نفس الوقت المحافظة على علاقاتها الطبيعية مع دول محور الاعتدال. ووجدت قطر صعوبة خلال الأعوام الأخيرة في مواصلة هذه السياسة بنجاح ، فقد دخلت فى مواجهات حادة مع دول رئيسية في معسكر الاعتدال كمصر والسعودية ،
ووفقا للباحث فإن القاهرة والرياض كانتا غير مستعدتين لقبول ادعاءات السياسة القطرية، أو ما اعتبرتاه وقاحة في هذه السياسة. وبالرغم من العلاقات الاقتصادية مع مصر ودول عربية أخري ، إلا أن "باروم " أوضح أن حكومة تل أبيب لا تعير العلاقات الإقتصادية مع العالم العربي أهمية كبرى ، وأنها تتطلع إلى أسواق بعيدة عن منطقة الشرق الأوسط. وتناول العلاقات الإسرائيلية مع مصر وما كانت تمثله فى مواجهة محور الممانعة ، فالقاهرة كانت على خلاف كبير مع حكومة حماس فى قطاع غزة ، إذ كان نظام مبارك يعتبر "حماس" بمثابة تهديد مباشرا له ، لأنها جناح من حركة "الإخوان المسلمين"، لكن الرأي العام المصري منعه من انتهاج سياسة فاعلة ضدها من التعاون مع إسرائيل ، مشيرا أن "مبارك" قد انتهج سياسة بدت في ظاهرها أنها تعاون مع تل أبيب ، بينما هي في الواقع تخدم مصلحة مصر المناقضة للمصالح الإسرائيلية ، وأن التعاون الظاهر في إدارة حصار قطاع غزة لم يكن نابعا من رغبة مصرية في التعاون مع الإسرائيليين ، ولكنها كانت إلى حد كبير بسبب الشك في نية الإسرائيليين ، لأن نظام مبارك كان يعتقد بأن الحكومة الإسرائيلية تحاول دفع قطاع غزة إلى أحضان مصر لتصبح المسئولة عنها ، وهو الأمر الذي اعتبره نظام مبارك مناقضا للمصلحة المصرية ، وقد كان الهدف من إغلاق المعبر من غزة إلى مصر هو منع حدوث ذلك.
وقد شكلت الأجواء العامة في الشارع العربي عاملا ضاغطا على العلاقات الثنائية الأساسية بين إسرائيل والدول العربية ، سواء للتي كانت تربطها بإسرائيل علاقات سلام رسمية أو غير رسمية. وتجلى هذا بتدهور علاقات إسرائيل مع الأردن، والتي اتسمت بالتوتر والعدوانية، وبتدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية أيضا.
وإستعرضت الدراسة ما أسمته " نموذج الإختبار االمصري" حيث يمكن إختبار تلك الأحداث التى تشهدها ساحتها من وجه النظر الإسرائيلية ، فمصر تجد نفسها اليوم تحت الحكم العسكري الذي من المفترض أن يسلم الحكم إلى سلطات مدنية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية سنة 2011 ، ومن بعدها الانتخابات الرئاسية، ويصعب توقع المسار الذي ستؤول إليه الأمور فى أعقاب الإنتخابات البرلمانية والرئاسية وماهي طبيعة الحكومة القادمة ، إلا إن القضية الأساسية التى تشغل البال هي قوة الإخوان المسلمين مقارنة بباقى الأحزاب العلمانية. حيث يمكن رؤية الأجواء السائدة إزاء إسرائيل، فقد أصدر رئيس الحكومة الموقتة "عصام شرف" ووزير خارجيته ووزراء آخرين تصريحات معادية لإسرائيل ، وتعهدوا بانتهاج سياسة أكثر تشددا تجاه إسرائيل ، وخاصة فيما يتعلق بالجدل الداخلي السائد فى مصر بشأن صفقة الغاز مع إسرائيل، فقد طالب "شرف" بإعادة النظر في الصفقة ، أما وزير الاقتصاد المصري فقد أكد على إلتزام مصر باتفاقية السلام مع إسرائيل، وعدم التزامها بتصدير الغاز، واتهام نائب رئيس الحكومة السابق "يحيي الجمل "لإسرائيل بمهاجمة مصر وممارسة الضغوط عليها.
وأشار الباحث أنه خلال تلك المرحلة المبكرة – من الربيع العربي - يصعب توقع ما هي الأنظمة التي ستصمد قبل أن ينقشع الغبار، وليس واضحا بعد من سيحل محل الأنظمة التي سقطت، وأكد على أن تل أبيب لديها أكثر من سيناريو قابل للحدوث ، بدءا من سيطرة العناصر الإسلامية على دول مثل مصر وسوريا ، مرورا بقيام حكومات ضعيفة وغير مستقرة من الأحزاب العلمانية ذات الشعبية ، وانتهاء بالأنظمة العسكرية ،وكما سنشير لاحقا خلال الدراسة فإن هناك تقديرات لدى الإسرائيلي بتآكل العلمانية فى مصر ، وأن المؤسسة العسكرية المصرية لا ترغب فى تأسيس دولة عسكرية أخري ، بمعنى أن أقرب التقدريات الإسرائيلية لمستقبل مصر هو وصول الإسلاميين للسطلة وبالأخص "الإخوان المسلمين " مؤكدين على القاعدة الإجتماعية الكبيرة التى يحظي بها الإخوان فى مصر ،وبطبيعة الأمر فإن مصر هى مهد الإخوان.
واستعرضت الدراسة مواقف مختلفة لمرشحين الرئاسة بمصر ، والتى وصفوها بأنها تدل على نيتهم لممارسة سياسة متشددة إزاء إسرائيل ، وعلى رأسهم الأمين العام السابق للجامعة العربية " عمرو موسى"- الذي إعتبرته أحد أكثر المرشحين حظاً للفوز بمنصب الرئاسة المصرية، فقد إستعرضت تصريحاته لصحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيراني ، فقد أوضح أن الموضوع النووي في الشرق الأوسط يتعلق أولا بإسرائيل ثم بإيران، وأنه في إمكان مصر أن تربح الكثير من العلاقة مع إيران ، وصرح موسي فى مقابلة أخري أن مبارك أخطأ عندما قرر التعاون مع إسرائيل وقبل بفرض حصارا على قطاع غزة، وأنه إختلف مع مبارك أكثر من مرة خلال توليه منصب وزير الخارجية بشأن العلاقات مع إسرائيل ، وأنه كان يعتقد بضرورة إتخاذ خطوات أكثر صرامة صوب الحكومة الإسرائيلية.
أما المدير العام الأسبق لوكالة الطاقة الذرية "محمد البرادعي" فقد أعلن أن مصر سترد على إسرائيل فى حالة مهاجمة إسرائيل لقطاع غزة. وبحسب الدراسة فإن تلك التصريحات تشير ألى أنه لا أساس للتوقعات التي تقول أن الأنظمة الجديدة - التي ستنشأ - وتلك القديمة - التي ستصمد - ستركز جهودها على المشكلات الداخلية ، وأنها لن تهتم كثيرا بالسياسة الخارجية ، مؤكدة أنه لا يمكن أن تتوقع إسرائيل من شخصيات مثل "عمرو موسى " أو "محمد البرادعي" – أصحاب التجارب الغنية في السياسة الخارجية - ألا يركزا جهدهما على الموضوعات الخارجية وأن يصبا كل التركيز على المشاكل الداخلية ، فالعكس هو صحيح .
فعلى سبيل المثال في حال فوز عمرو موسى فى إنتخابات الرئاسةً فسيقوم بتخصيص جهده من أجل عقد مؤتمر يهدف لنزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط ، و المزمع عقده في سنة 2012 ، وأنه لن يدخر جهدا للدخول في مواجهة مع إسرائيل في هذا الشأن. وتطرقت الدراسة إلى السؤال الأساسي الذي يشغل بال ساسة إسرائيل ، والمتعلق بإحتمالات المساس بإتفاقية السلام بين البلدين ، فحتى الآن أظهرت أغلبية الأطراف ومعظم المرشحين للرئاسة المصرية عن إحترامها للإتفاقية ، وأن التصريحات التى يصدرها بعضهم من آن لآخر تأتى بسبب إعتقادهم أن تلك التصريحات ستخدم معاركهم الإنتخابية . وأن ما يزيد من غموض الموقف النتائج المتناقضة لإستطلاعات رأي الشارع المصري ، ففى إبريل من العام الحالى أصدر معهدPEWإستطلاعا لرأي الشارع أظهر أن 54% من الجمهور يري إلغاء إتفاقية السلام ، فى المقابل كان هناك إستطلاع آخر فى مارس من نفس العام يظهر أن غالبية الناخبين -63%منهم – يفضلون أنتخاب حزب يمكنه الحفاظ على إتفاقية السلام مع إسرائيل ، فى المقابل فضلت أقلية بسيطة التصةيت على إلغاء الإتفاقية. وحتى الآن تشير تصريحات العديد من المسئولين المصريين حول إحتمالية إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل قليلة . وعلى الرغم من ذلك إلا أن التغييرات حول هذه المسألة باتت على قائمة جدول الأعمال الإسرائيلي وأصبحت موضع جدل داخلي في إسرائيل ، فإلغاء إتفاقية السلام مع القاهرة سينعكس بدوره على إتفاقية السلام الإسرائيلية مع الأردن ، الأمرالذي سيكون له إنعكاسات بعيدة المدي على إسرائيل . فالتوقيع على إتفاقية السلام عام 1979 أخرج مصر من دائرة الدول العربية التى تدخل فى حرب مع إسرائيل ، وأبعد إحتمال دخول إسرائيل حرب على جبهتين فى وقت واحد ، وهو الأمر الذي سيسمح لإسرائيل بتركيز إستعدادتها العسكرية على جبهات أخري ، وسمحت لها بتوفير موارد مالية .
وفى حالة توصل تل أبيب إلى خلاصة أن سيناريو الحرب العربية الشاملة – بمشاركة مصر - أصبح ممكنا فإنها ستضطر إلى إجراء تغيير جذري فى تقديراتها الإستراتيجية. وأوضحت أن الحالة التى يمر بها العالم العربي الآن – واصفه إياه بالفوضي – تضع إسرائيل فى مواجهة مشكلة كبيرة ، وكيف تتصرف فى هذا الوضع الذي لا توجد به أيه حقائق وكلها تقديرات . وأشارت الدراسة إلى أمر مقلق لساسة إسرائيل ، فحتى فى حالة إعداد إسرائيل لإحتمالية إنهيار إتفاق السلام مع مصر فإنها ستعرضها نفسها لخطر شديد ، حيث ستعتبر مصر تلك الخطوات بمثابة خطر موجه ضدها ، وفى حالة تأخرها فلن تكون مستعدة لمواجهة هذا التغيير فى الوقت المناسب . ليس مع مصر فقط ولكن مع الأردن أيضا والتى لا يفصلها حيز جغرافي مع إسرائيل بعكس الدور الذى تلعبه سيناء الفاصلة بين مصر وإسرائيل.
وإستعرض التقرير التغيير فى السياسة المصرية بعد الربيع العربي ، والذي تجلي فى نجاح القاهرة فى التوسط المصالحة الداخلية الفلسطينية بين حركتى "فتح" و"حماس" ، فطالما كان يعتبر نظام مبارك حركة حماس عدوا لمصر ، بينما يري النظام الجديد في حماس لاعبا شرعيا يجب أخذه فى الإعتبار مثل منظمة التحرير الفلسطينية وكالسلطة الفلسطينية ، لذلك فقد تعهد النظام المصري الجديد بوقف الحصار المفروض على قطاع غزة.
دراسة أخري حملت عنوان "شرق أوسط جديد" أعدها الباحث "مارك هيلر" ، وأكد "هيلر" فى بداية دراسته على زيادة التوترات بين مصر وإسرائيل على خلفية الفوضى الأمنية فى سيناء ، وعقب العلاقات الجديدة التى أجراها المجلس العسكري مع حماس ، وبات من الممكن الآن إندماج حماس فى السلطة الفلسطينيية ، والتصريحات التى أدلى بها مسئولون مصريون والتى تتعلق بمستقبل إتفاقية السلام بين البلدين.
وأوضحت الدراسة أن العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين المؤسسة العسكرية المصرية هى التى كانت وراء قرار قيادة المجلس العسكري بتقديم مشورته لمبارك بالتخلى عن الحكم ومنع الولايات المتحدة من إتخاذ خطوات أخري.
وأشار الباحث الإسرائيلي أن فرص التطور الديموقراطى المستقر فى مصر قليلة للغاية مقارنة بتونس ، فالجيش المصري هو بمثابة قوى عظمى تقف وراء الحكومات المصرية منذ عام 1952 . فقد حافظ الجيش المصري على السلطة الإدارية وأنه لا يظهر أي ميل للتخلى عن السلطة ، على الأقل حتى إنتخابات الرئاسة المزمع إجراها عام 2012 ، وأن الجيش يظهر رغبة حقيقية فى العودة لثكناته وأظهر الكثير من التجاوب لمطالب الرأي العام وأنه لم يظهر معارضة لتوسيع الساحة السياسية ، وبالرغم من هذا نجد أن هذه الساحة تمتلئ بسرعة وليس بالقوى التى كانت فى ميدان التحرير وقادة ثورتها لإسقاط نظام مبارك ، ولكن من قوى سياسية أخري والذين يلتزمون بديموقراطية مشكوك بها ، بمعنى أن هؤلاء الذين يطالبون بالحرية لأنفسهم ليس بالضرورة يطالبون بها لغيرهم. مضيفا أن التقديرات المستجدة على الساحة السياسية المصرية من المرتقب أن يرافقها تدهور الوضع الإقتصادي بسبب الأضرار التى لحقت بقطاع السياحة وتحويلات الأموال من المصريين فى الخارج – خاصة هؤلاء الذين كانوا يعملون فى ليبيا – وأيضا بسبب عدم شعور المستثمرين بالأمان.
وتناول "هيلر" تسارع معدل التضخم منذ بدء الثورة ، خاصة فيما يتعلق بزيادة أسعار المستلزمات الغذائية ، وقد هربت رؤوس الأموال والتى تقدر بثلث إحتياطيات العملة الصعبة فى مصر بما يقارب ثلاثين مليار دولار ، والتى تسببت فى أضرار بالغة للإقتصاد المصري. كذلك أوضح أن زيادة فرصة " تأكل العلمانية " فى مصر – على حد وصفه ، وأن مصر لم تذهب أبدا وراء تيار العلمانية كالذي كان فى تونس ، واصفا مصر بـ"مهد الإخوان المسلمين" ، تلك الحركة التى لاقت قمعا مستمرا مع باقى فصائل الجهاديين الإسلاميين من قبل السلطات ، وواصلت أنشطتها فى أقسي الظروف ، ولكن مع تخفيف القيود المفروضة عليها وعلى أنشتطها إزداد حجمها فى المجال السياسي ، في حين ان القوى السياسية الأخري تواجه صعوبات متزايدة فى التحضيرات على مستقبل مصر . وفى المقابل نجد الحركات السلفية التىى تزيد من نبرة التحريض والعنف ضد الأقباط ، تلك الحركات التى تواجد فى ظل النظام القديم ، وفى معظم الأحوال كانت معفاه من العقوبات.
دراسة أخري بعنوان " الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية – لا حوار " للباحثة "عنات كوريتس" أوضحت فيه أن سقوط نظام مبارك فى مصر قد منح حركة حماس قوة إضافية ، وقد سعي المجلس العسكري من حكومة للحد من إحتمالات إندلاع حرب ثانية على غزة من خلال إعادة تحسين البنية التحتية المدنية ومحاولة دمج حركة حماس فى السلطة الفلسطينية ، وأن رفض المجلس العسكري التعاون مع إسرائيل فى كبح جماح "حماس" يعد بمثابة تغيير فى سياسة مصر الأقليمية. مشيرة إلى فشل النظام السابق فى تنفيذ إتفاق المصالحة الفلسطيني الداخلى الموقع عام 2009 بفاعلية نظرا لتدخل الجانب الإيراني فى المسألة . لكن المجلس العسكري قام بتحفيز حماس للتوقيع من خلال وعود بزيادة المساعدات الإقتصادية للقطاع وحمايتها من حرب إسرائيلية ورفع الحصار على تنقل الأفراد على الحدود بين مصر وغزة ، كل هذا قد ساعد حماس فى شد بأسها.
اما الخبير الإسرائيلي "جيورا أيلند" والمختص بالشئون العسكرية فقد أعد دراسة متعلقة بالتقديرات العسكرية التى يضعها الجيش الإسرائيلي نصب عيناه ، تحت عنوان " الخطة السنوية للجيش الإسرائيلي – معضلات وحلول " تناول مصر فى أحد جوانبها ، حيث أشار أنه منذ توقيع إتفاقية السلام بين البلدين عام 1979 وأدرجت مصر فى جدول الأعمال الإسرائيلي كدولة "خطيرة" أنما ليست بدولة "تهديد" ، وأن الفارق بين المصطلحين هو فى عدم وجود نية لخوض حرب – فكذلك كانت مصر . وعلى مدار ثلاثين عاما كانت هناك تقديرات لدي ساسة إسرائيل أنه فى حالة إندلاع مصادمات عسكرية مع دول عربية أخري فى المنطقة فإن مصر ستمتنع عن خوض غبار الحرب أو المشاركة من بعيد . وهذا ما مكن إسرائيل من خوض حربها فى لبنان وتنفيذ عمليات عسكرية فى الضفة الغربية وفى قطاع غزة دون قلق من تدخل الجانب المصري.
كذلك أشاد الخبير بإتفاقية السلام مع مصر التى كانت لها مزايا كبيرة متعلقة بمجال بناء القوة العسكرية لإسرائيل ، فمنذ التوقيع على الإتفاقية قلل الجيش الإسرائيلي من عدد قواته – خاصة القوات البرية- وهو ما وفر لدولة إسرائيل أموالا كثيرة من التى كانت تخصص لميزانية وزارة الدفاع. لكن المعضلة الأساسية التى تواجهها قيادة الأركان الإسرائيلية المتعلقة بمصر ،بحسب وصفه، هى إذا ما كانت التغييرات التى شهدتها الساحة المصرية فى فبراير2011 تطلب تغيير الإفتراض الإسرائيلي فى العلاقات بين البلدين ، وأن كان هذا حقيقي فبأي أسلوب سيتم ؟. وإفترض أن الإجابة ستتعلق بكل ما هو مرتبط بتعزيز الحدود مع مصر وتوفير إنتباه أوسع للنواحى الإستخباراتية ، وأن تأثير التغييرات التى شهدتها مصر قد يكون لها تأثيرا أشد قسوة على النواحى العسكرية من حيث زيادة أعداد القوات عامة – سواء البرية أو البحرية أو الجوية ، وعلى المخزون الإستراتيجي من الأسلحة والذخائر والعتاد.
وضم التقرير الإستراتيجي الإسرائيلي فى نهايته ملحقا بعنوان "موازين القوى العسكرية فى الشرق الأوسط" والذي أعده كلا من "يفتاح شابير" وتامير ميجل" ، وأوضحا خلال إستعراضهما للقوى العسكرية فى الشرق الأوسط الدور الذي قام به الجيش المصري خلال الثورة الشعبية المصرية والتى إنتهت بإسقاط نظام مبارك واصفين إياه بالدور الهام للغاية ، وأن قنوات الإتصال بين المؤسسة العسكرية والسياسية أظهرت أن الجيش المصري يحافظ على أسس النظام القائم فى مصر مع دعمه للثورة وتأييد تخلي مبارك عن الرئاسة.
وخلال المظاهرات التى نشبت فى البلاد منذ يناير الماضي حاول الجيش المصري جاهدا تهدئة التوترات ومنع بأى شكل وقوع تصادمات عنيفة ، وفى نهاية الأمر ساعد الجيش الحركات الشعبية فى إسقاط نظام مبارك ، وأنه بات المسئول الآن عن الشئون الداخلية للبلاد حتى نقل السلطة وإنتخاب قيادة شعبية ، مشيرين أن المجلس لا يمطح فى تأسيس ديكتاتورية عسكرية فى مصر. وكما هو الحال مع إسرائيل ، فإن مصر تتلقى مساعدات خارجية من الولايات المتحدة الأمريكية ، مشيرين أن النظام المصري الجديد سيحاول جاهدا الحفاظ على تلك المساعدات ، خاصة أن جزء منها مرتبط بالنواحى العسكرية والتى لا توجد رغبة فى حدوث تغييرات فجائية فى خطط تسليح الجيش المصري.
واستعرض الملحق العسكري بشكل علنى القدرات العسكرية التى تمتلكها مصر ووسائل دفاعها المختلفة من القوات الجوية والمدرعة والوحدات البحرية منذ عام 2007 وحتى 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق